أبا جعفر- عليه السّلام- لم يعلّل جواز إلقاء كلام ذي وجوه و كذا تورية إبراهيم- عليه السّلام- و يوسف- عليه السّلام- بإرادة الإصلاح، فيفهم منها أنّ إلقاء كلام ذي وجوه و إرادة بعض الوجوه المخفيّة لا مانع منه كما فعل يوسف و إبراهيم- عليهما السّلام.
و يظهر من ذيل
رواية سويد بن حنظلة المنقولة في كتاب الطلاق- و عن المبسوط روايتها- جوازها أيضا، قال: خرجنا و معنا وائل بن حجر نريد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأخذه أعداء له، و تحرّج القوم أن يحلفوا، فحلفت باللّه أنّه أخي، فخلّى عنه العدّو، فذكرت ذلك للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: «صدقت، المسلم أخو المسلم». [1]
فإنّ الظاهر منها و إن كان حلفه على الأخوّة النسبيّة لكن يظهر منها نفي الكذب عن التورية، و يفهم منه جوازه لذلك، لا لإرادة الإصلاح و إن كان المورد كذلك. فلو كانت التورية غير جائزة إلّا مع إرادة الإصلاح، لكان عليه التنبيه عليه لا الحكم بالجواز لمجرّد نفي الكذب.
فتحصّل ممّا مرّ أنّ التورية و كذا الإنشاءات و الأفعال المفيدة فائدة الكذب لا تكون محرّمة، للأصل و قصور الأدلّة، بل دلالة بعض الروايات على الجواز.
ثمّ إنّه قد يستشكل على رواية الاحتجاج [2] في توجيه تورية إبراهيم بأنّ كسر الأصنام صدر من إبراهيم- عليه السّلام- و إن كانت الأصنام ينطقون، فيلزم الكذب بالإخبار بالملازمة، فإنّ ملاك الصدق و الكذب في الشرطيّات صدق الملازمة و كذبها. [3] و فيه ما لا يخفى، فإنّ كلام إبراهيم- عليه السّلام- من قبيل التعليق على أمر محال
[1] كتاب الخلاف 2- 458، كتاب الطلاق، المسألة 60، و المبسوط 5- 95، كتاب الطلاق، فصل في باب الحيل.
[2] الاحتجاج 2- 1- 354، احتجاج الإمام الصادق- عليه السّلام- على الزنادقة.