و في الثاني: بأنّ إثبات كون مناط الحرمة هو القبح العقلي غير ممكن في المقام، لعدم دليل عليه بل يحتمل أن يكون عنده مناط آخر مجهول عندنا، و الكشف الظنّي لا يغني من الحقّ شيئا.
و بالجملة لا دليل على أنّ ما أدركه العقل من القبح هو العلّة للحكم و هو يدور مدارها توسعة و تضييقا، و صرف إحراز الاقتضاء لا يفيد شيئا.
مع إمكان منع القبح في الأفعال و الإنشاءات الكاشفة عن خلاف الواقع بمجرّد ذلك إذا لم ينطبق عليها عناوين أخر. فمثل مدح من لا يستحقّ المدح، و ذمّ من لا يستحقّه، و سؤال غير الفقير، و نظائرها، ليس قبحها بمناط الكشف عن غير الواقع، بل نفس تلك العناوين قبيحة بذاتها لا بملاك الكذب، و لهذا لا قبح في التعفّف، و إن كان بغرض إفهام الغنى و أن يحسبه الجاهل غنيّا من التعفّف، و لا قبح في إنشاء البيع الكاشف عن مالكيّة المنشئ، و إن كان بغرضه.
و بالجملة إنّ الوجه المذكور ممنوع صغرى و كبرى.
و في الروايات الواردة في عدة الرجل أهله [1]، و الواردة في الجدّ و الهزل [2] بوقوع التعارض بين عنوان الكذب المأخوذ فيها الظاهر في الإخبار المخالف للواقع، و بين عنواني العدة و الهزل الظاهرين في غير الإخبار.
و لا يبعد تحكيم الصدر على الذيل، و حمل العدة و الهزل على نوع من الإخبار المخالف للواقع، و لا أقلّ من التعارض الموجب للإجمال.
و فيما قلنا في وجه الجمع بين روايات التورية [3] بأنّ هذا الجمع غير مقبول
[1] الوسائل 8- 578 و 579، كتاب الحجّ، الباب 141 من أبواب أحكام العشرة، الأحاديث 1، 2 و 5.
[2] الوسائل 8- 576 و 577، الباب 140 من أبواب أحكام العشرة، الأحاديث 1، 2 و 3.