و بالجملة مقتضى الجمع بين رواية الاحتجاج و غيرها أنّ التورية لا تجوز إلّا مع إرادة الإصلاح، و في مورده مع إمكانها تجب أو ترجّح، فيستفاد من مجموع الروايات عدم جواز التورية إلّا في مورد الاستثناء، و ليس ذلك إلّا لأجل إلحاق الصدق المفيد فائدة الكذب و الموجب لإفادة خلاف الواقع بالكذب، فيتعدّى إلى الإنشاء المفيد فائدته، بل الأفعال إذا أفادت فائدته.
و يمكن تأييد ذلك
برواية أبي بصير الّتي قد يقال: إنّها موثّقة، قال: قيل لأبي جعفر- عليه السّلام- و أنا عنده: إنّ سالم بن أبي حفصة و أصحابه يروون عنك أنّك تكلّم على سبعين وجها لك منها المخرج؟ فقال: «ما يريد سالم منّي، أ يريد أن أجيء بالملائكة؟ و اللّه ما جاءت بهذا النبيّون- عليهم السّلام-، و لقد قال إبراهيم- عليه السّلام- إِنِّي سَقِيمٌ[2] و ما كان سقيما و ما كذب. و لقد قال إبراهيم- عليه السّلام-:
بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا[3] و ما فعله و ما كذب، و لقد قال يوسف- عليه السّلام-:
أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ[4] و اللّه ما كانوا سارقين و ما كذب». [5]
فإنّ الظاهر أنّ سالما أراد الإيراد على أبي جعفر- عليه السّلام- بأنّه يورّي في الكلام و يأتيه على وجوه ليمكن له المفرّ عند الإيراد عليه، فأجاب عنه بأنّه لا بأس به في مورد تقتضي المصلحة كما فعل إبراهيم و يوسف- عليهما السّلام.
لكنّ الأظهر أنّ الرواية بصدد دفع الإشكال عن أصل التورية، فيظهر منها