لإلغاء الخصوصيّة عن الكذب إلى كلّ ما يفيد فائدته، فإنّه عبارة عن جملة إخباريّة متقوّمة بألفاظ و هيئة خاصّة حاكية عن معنى تصديقيّ مخالف للواقع. فإذا قيل: إنّ الكذب قبيح عقلا أو حرام شرعا، لا يرى العقل و العرف قبحه و حرمته متعلّقين على الألفاظ الخاصّة و الهيئات المخصوصة و المعاني التصديقية، لا بنحو تمام الموضوع و لا جزئه، سيّما مع أنّ الظاهر أن تكون الحرمة شرعيّة بملاك القبح العقلي، و إن كان العقل لا يحكم بالقبح المستلزم لصحّة العقوبة، لكن يدرك أنّه قبيح و مذموم و لو أخلاقا، و بعد حكم الشرع يرى أنّه بمناطه، مع أنّه من الواضح لدى العقول أن لا دخالة للألفاظ هيئة و مادّة و كذا للمعاني بما أنّها مستفادة من خصوص تلك الألفاظ في القبح و المذموميّة، بل يدرك أنّ الذم و القبح لإراءة خلاف الواقع و إلقاء ما يكون مخالفا له.
و على هذا كلّ كلام أو فعل يفيد فائدته ملحق به إذا أوجده الفاعل لإفادة خلاف الواقع، كالتورية و الهزل و الإنشاءات و الأفعال المفيدة خلاف الواقع.
لا أقول: إنّ العلّة هي الإغراء حتّى يمنع ذلك بدعوى الإجماع على حرمة الكذب و لو لم يوجبه. [1] بل أقول: إنّ تحريمه بملاك قبحه، و هو موجود فيما يفيد فائدته.
أو أقول: إنّ العرف يرى أنّ الألفاظ و معانيها التصديقيّة غير دخيلة في موضوع الحكم و لو بنحو جزء الموضوع، و أنّ تمام الموضوع للحرمة هو ما يحكي عن خلاف الواقع بأيّ دالّ كان.
روايات التورية و الجمع بينها
و يمكن تأييد المدّعى أو الاستشهاد له بما وردت في التورية و ما يقتضي