جدّا، و ليست من قبيل استعمال اللفظ في غير ما وضع له حتّى المجازات، على ما هو التحقيق من أنّها من قبيل الحقائق الادّعائيّة، لا كما ذكره السكّاكي في الاستعارة [1]، بل باستعمال اللفظ في معناه الموضوع له و تطبيق المعنى على المراد الجدّي ادّعاء.
ففي مثل «زيد أسد» استعمل لفظ الأسد في معناه، و ادّعي أنّ زيدا مصداق لماهيّة الأسد، فعليه لا يكون قوله ذلك مع عدم شجاعة زيد كذبا.
أمّا بالنسبة إلى المفاد الاستعمالي فلعدم تعلّق الإرادة الجدّية به، و سيأتي اعتباره في الصدق و الكذب لا الجدّ مقابل الهزل بل مقابل الاستعمال.
و أمّا بالنسبة إلى المعنى المراد، أي الإخبار بالشجاعة، فلعدم التلفّظ به.
و أوضح منها الحال في الكنايات و المبالغات.
و لا مطلق الإيصال إلى خلاف الواقع و الإفهام له و الدلالة عليه- حتّى يكون مثل نصب علامة الفرسخ على ما دونه للدلالة على الفرسخ، و إظهار الكلام جزما لإفهام اعتقاده بمضمونه، و الأذان قبل دخول الوقت للإعلام بدخوله، و المشي على زيّ الأشراف و الأغنياء لإرادة خلاف ما هو عليه- كذبا، و لازمه أن يكون في بعض الأحيان كذب واحد أكاذيب كثيرة، بل غير محصورة، كمن أخبر بأنّ اليوم الكذائي جمعة، و كان نسبتا، فإنّ لازم كونه جمعة أن يكون بعده سبتا، و بعد بعده أحدا، و هكذا، و قبله خميسا، و قبل قبله أربعاء، و هكذا، و الالتزام بها كما ترى.
بل الظاهر أنّ الكذب بالمعنى المصدري عرفا عبارة عن الإخبار المخالف للواقع [2]، و الإخبار لم ينحصر باللفظ و القول الخارج من الفم، بل يشمل الكتابة