و إنّما يختصّ ما ذكرناه بالكلام و الأقوال دون الأفعال، فيقال لمن شرب الخمر خطاء: إنّه شربها، و هكذا. فلعلّه لكثرة الابتلاء بالأقوال المخالفة للواقع خطاء، فإنّ الكتب ملؤ من ذلك، فصارت كثرة استعمال الخطاء و نحوه منشأ لذلك، بخلاف الاشتباه في الأفعال، فإنّ الابتلاء بها قليل في موارد الاستعمال، فتدبّر.
فلا يخلو مراده منه عن أن يكون إمّا الحكم النفساني و الإدراك بأنّ هذا ذاك أو غيره، أو الإدراك بوقوع النسبة أو لا وقوعها. كما يؤيّده قوله بعد ذلك- في مقام الجواب عن الإشكال بأنّ القضيّة المشكوك فيها ليست متّصفة بصدق و لا كذب لعدم الحكم فيها-: «إنّ الحكم بمعنى إدراك وقوع النسبة أو لا وقوعها، و حكم الذهن بشيء من النفي و الإثبات و إن لم يتحقّق لكن إذا تلفّظ بالجملة الخبريّة مع الشكّ، بل مع القطع بالخلاف، فكلامه خبر لا محالة» [1]. انتهى ملخّصا.
فيكون حاصل مراده أنّ إدراك النفس و حكمها بأنّ هذا ذاك، أو إدراكه بوقوع النسبة أو لا وقوعها متّصف بالكذب أوّلا و بالذات، و لأجله يتّصف الخبر به.
و فيه ما لا يخفى، فإنّ لازمه أنّ المخبر بقوله: «السماء تحتنا» مع اعتقاده بأنّها فوقنا لا يكون صادقا و لا كاذبا، و لا مقالته صدقا و لا كذبا، لأنّ اعتقاده و إدراكه