عدم وجوب الاحتياط بالنسبة إلى البعض الآخر، بل يرجع فيها إلى أصالة البراءة، و مع سقوط التكليف فلا مقتضى للفحص». [1] انتهى.
لازم ما ذكره إجراء البراءة في الشكّ في القدرة على الإيصال ابتداء، و مبناه على ما يظهر من كلامه أنّ القدرة من القيود الشرعيّة المستكشفة بالعقل.
و يرد عليه- بعد الإشكال في مبناه بما قرّر في محلّه [2] من أنّ القدرة و نحوها من الأعذار العقليّة لامتثال التكاليف، لا قيودها شرعا أو عقلا، و أنّ التكاليف الكلّية القانونيّة فعليات على موضوعاتها من غير تقييد بالعلم و القدرة و الالتفات و غيرها، فحينئذ يجب الاحتياط عقلا مع الشكّ في القدرة، و يجب الفحص- أنّ ما ذكر إنّما يتمّ لو قلنا بأنّ الواجب على الغاصب و نحوه الإيصال إلى صاحب المال وجوبا شرعيّا، و أمّا إن قلنا بعدم وجوبه شرعا، بل ليس في المال المغصوب و نحوه إلّا حرمة الاستيلاء على أموال الناس عدوانا و بلا حقّ و حرمة التصرّف فيها و نحوه كالحفظ و الحبس، و إنّما يجب الإيصال تخلّصا عن المحرّم المعلوم عقلا، فلا شبهة في وجوب الفحص عقلا و لو عند الشكّ في القدرة. و نحوه ما إذا قلنا بتكليفين:
وجوب الإيصال و حرمة التصرّف و الاستيلاء و نحوهما.
و الإنصاف أنّه لا يمكن مساعدة القائل المدقق التقيّ في المبني و لا البناء.
هل يتعيّن على الغاصب الفحص أم لا؟
ثمّ إنّه هل يتعيّن عليه الفحص، أو يتعيّن الردّ إلى الحاكم، فإنّه وليّ الغائب، و الردّ إليه بمنزلة الردّ إلى صاحبه، أو يتخيّر بينهما، بأن يقال: يجب عليه
[1] راجع حاشية العلّامة الميرزا محمّد تقي الشيرازي على المكاسب: 187، ذكره ملخّصا.
[2] راجع تهذيب الأصول 1- 309، المقدّمة السادسة من مبحث الأهمّ و المهمّ.