و قد ردّ ذلك تارة بمنع الطوليّة، و أخرى بمنع إجدائها.
و خلاصة ما أفاده بعض أهل التحقيق في منع الطوليّة: «أنّ مورد الإجارة هو ذات العمل العبادي فينحلّ إلى الذات و حيثية الامتثال و العباديّة، و المؤجر يأتي بالذات بداعي تحقّق المستأجر عليه و داعي الامتثال، فيكون من التشريك في أصل الفعل، لا من قبيل غاية الغاية. و الحاصل أنّ تحقّق عنوان المستأجر عليه يتوقّف على حصول أمرين: ذات العبادة و عنوان الامتثال، و الآتي بالذات إنّما يأتي بها بقصد تحقّق عنوان المستأجر عليه و قصد امتثال أمر اللّه، ليتحقّق كلا جزئين من المستأجر عليه، فيكون من قبيل التشريك في القصد لا داعي الداعي» [1]. انتهى.
و فيه: أنّ مورد الإجارة هو العمل بداعي الامتثال، و معناه أنّ جعل الأجر في مقابل العمل المأتيّ به بداعويّة الامتثال، أي يكون الامتثال تمام الداعي و المحرّك له، فلو أتى به بداعيين: داعي الامتثال و داعي تحقّق عنوان المستأجر عليه، لم يكن آتيا بمورد الإجارة و الموضوع المستأجر عليه و لم يكن فعله وفاء بعقد الإجارة، و معه كيف يمكن التشريك في مقام الوفاء مع كونه رافعا له و معدما لموضوعه؟
و بعبارة أخرى: إنّ عقد الإجارة في مثل المقام لا ينحلّ إلى عقدين و لا الإجارة إلى إجارتين، حتّى يقال: إنّ لذات العمل وفاء، أتى بها بداعي الامتثال أم لا؟ و للامتثال وفاء، بل وقعت الإجارة على عمل خاصّ لا يمكن إيجاد موردها بلا تلك الخصوصيّة، و هي العمل الذي يتحقّق بمحرّكيّة أمره فقط، أو كونه للّه خالصا، و في مثله لا يمكن إيجاده بلا داع إلهيّ أو بداع مشترك، فلا محيص في مقام الوفاء إلّا بإتيانه بداعي اللّه و إن كان هذا بداع آخر في طوله، فالطوليّة مقتضى ذات تعلّق الإجارة بالعمل بداعي اللّه لا يمكن سلبها عنها. هذا هو
[1] راجع حاشية المكاسب: 147، للمحقّق العلّامة الميرزا محمّد تقي الشيرازي- قدّس سرّه-، في عدم المنافاة بين قصد القربة و أخذ الأجرة.