و أمّا في غيره فلا يستفاد منهما الإيجاب الكلّي بمعنى جواز جميع أنحاء التقيّة في غيره، فيظهر منهما أنّه مع عدم بلوغها الدم، ففيه تقيّة بنحو الإجمال، لا بنحو الإطلاق و الكلّيّة بحيث يظهر منهما مشروعيّتها بجميع أنحائها و أقسامها المتقدّمة، و ذلك من غير فرق بين القول بالمفهوم في الشرطية و عدمه، فإنّ مفهومها على القول به أنّه إذا لم تبلغ الدم ففيه تقيّة، لا فيه جميع أنحائها، لما حقّق مفهومها على القول به أنّه إذا لم تبلغ الدم ففيه تقيّة، لا فيه جميع أنحائها، لما حقّق في محلّه أنّ مفهوم نحو تلك القضية الإيجاب الجزئي. و المقام نظير
قوله: «إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء» [1]
الدالّ بمفهومه أنّه مع عدم البلوغ يتنجّس في الجملة.
و منه يظهر الحال في المرسلة، فإنّ قوله: «التقيّة في كلّ شيء حتّى يبلغ الدم» عامّ بالنسبة إلى أفراد ما عدا الدم من المال و العرض و الجرح بما دون القتل، لا بالنسبة إلى أنحاء التقيّة. فإذا ثبت في كلّ شيء تقيّة في الجملة و لو عند الإكراه و التوعّد بالقتل يصحّ أن يقال: التقيّة في كلّ شيء ما عدا القتل، ففي القتل سلب كلّي و في مقابلة إيجاب جزئيّ.
و ممّا ذكرنا يظهر الحال في عدم عمومها و إطلاقها بالنسبة إلى موارد الإكراه، سواء قلنا بأنّه تقيّة عرفا و لغة و بحسب الأخبار، أو يلحق بها حكما بما تقدّم، أمّا على الأوّل فبالبيان المتقدّم، و أمّا على الثاني فلأنّه لا يزيد على الملحق به و المتفرّع عليه.
نعم لا نحتاج في إثبات الحكم مطلقا في موارد الإكراه بهذه الرواية، بل يكفي فيه مثل دليل الرفع و سائر ما تقدّمت الإشارة إليها.
و ممّا تقدّم يظهر عدم جواز الاستدلال على جوازها مطلقا
برواية أبي عمر الأعجمي عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في حديث أنّه قال: «لا دين لمن لا تقيّة له،
[1] راجع الوسائل 1- 117، كتاب الطهارة، الباب 9 من أبواب الماء المطلق، و فيه الأحاديث كلّها «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء».