ثمّ إنّ الظاهر منهما أنّ الجواز فعليّ لا حيثيّ، فتدلان على أنّه مع خلوص نيّة الصلاح كما يجوز شرعا بالعنوان الأوّلي و يستثنى من المحرّم الذاتيّ الإلهي، يكون الإمام- عليه السّلام- راضيا بدخوله كذلك، فيكشف منهما الرضا في كلّ مورد كذائي و الإذن العامّ لمن دخل كذلك، فيحلّ فعلا و من الحيثين.
و
في مستطرفات السرائر نقلا من كتاب مسائل الرجال، عن أبي الحسن عليّ بن محمّد- عليه السّلام- أنّ محمّد بن عيسى كتب إليه يسأله عن العمل لبني العبّاس و أخذ ما يتمكّن من أموالهم، هل فيه رخصة؟ فقال: «ما كان المدخل فيه بالجبر و القهر، فاللّه قابل العذر، و ما خلا ذلك فمكروه» إلى أن قال: فكتبت إليه في جواب ذلك أعلمه أنّ مذهبي في الدخول في أمرهم وجود السبيل إلى إدخال المكروه على عدوّه و انبساط اليد في التشفّي منهم بشيء أتقرّب به إليهم، فأجاب:
«من فعل ذلك فليس مدخله في العمل حراما، بل أجرا و ثوابا» [1].
و
في رواية زياد بن أبي سلمة، عن أبي الحسن موسى- عليه السّلام-: فقال لي: «يا زياد، لأن أسقط من حالق فأتقطّع قطعة قطعة، أحبّ إليّ من أن أتولّى لأحد منهم عملا أو أطأ بساط رجل منهم إلّا لماذا؟» قلت: لا أدري جعلت فداك.
قال: «إلّا لتفريج كربة عن مؤمن، أو فكّ أسره، أو قضاء دينه.» [2].
و هي و إن كانت متعرّضة لجواز دخوله- عليه السّلام- لتلك الغايات، لكنّ الظاهر أنّ ذلك لبيان مورد الجواز حتّى يستفيد منه السامع، لا لبيان اختصاص الجواز به. فيكشف منها أيضا الإذن العامّ و الرضا المطلق للدخول في حقّهم مضافا إلى الجواز شرعا و ذاتا.
[1] الوسائل 12- 137، كتاب التجارة، الباب 45 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 9، و مستطرفات السرائر 3- 583.
[2] الوسائل 12- 140، كتاب التجارة، الباب 46 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 9.