و أمّا أوامرهم الصادرة منهم بما أنّهم ولاة الأمر و سلاطين الأمّة، فتجب إطاعتهم لكونهم كذلك، و لكون الأمر أمرهم لا لكشفه عن أمر اللّه تعالى.
نعم، إنّما يجب طاعتهم لأجل أمر اللّه تعالى بها في قوله أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ[1]، و لجعل السلطنة و الولاية لهم من قبله تعالى.
و لو لا ذلك لم تجب، لأنّ السلطنة و الولاية مختصّة باللّه تعالى بحسب حكم العقل، فهو تعالى مالك الأمر و الولاية بالذّات من غير جعل، و هي لغيره تعالى بجعله و نصبه.
و هذه السلطنة و الخلافة و الولاية من الأمور الوضعيّة الاعتباريّة العقلائيّة. فالسلطنة بشؤونها و فروعها لهم من قبله تعالى، و لا يجوز لأحد التصرّف فيها و تقلّدها أصلا و فرعا، لأنّ تقلّدها غصب و التصرّف فيها و في شؤونها، كائنة مّا كانت، تصرّف في سلطان الغير.
نعم، يمكن أن يقال: إنّ الغصب بما أنّه الاستيلاء على مال الغير أو حقّه عدوانا، و عامل السلطان و لو من تقلّد من قبله أمر إمارة بلد، أو ولاية ناحية، أو تقلّد أمر القضاء و الوزارة و نحوها ليس مستوليا على شؤون السلطنة، بل الاستيلاء إنّما هو من السلطان و هو غاصب للخلافة و السلطنة بشؤونهما، و عمّا له أياديه، و ليسوا مستولين على شؤونها، حتّى الأمر الذي كانوا متولّين له بنصب من السلطان، بل هو نظير غصب السلطان بلدا بوسيلة عمّاله، فإنّ الغاصب له هو السلطان لا غير، و أياديه لا يعدّون سلطانا و مستوليا عليه، و إن كان تصرّفهم فيه محرّما بعنوان التصرّف في مال الغير بغير إذنه.
ففي المقام إنّ تقلّد أمر من شؤون السلطنة و الخلافة محرّم، لا بعنوان