و الظاهر منها و لو بإلغاء الخصوصية عرفا، حرمة الانتفاع بالميتة مطلقا، سواء كان الانتفاع في الجامدات، أو المائعات، لزم منه محذور، أو لا. و الحمل على انتفاع خاصّ- كجعل جلدها محلا للدبس و نحوه- يحتاج إلى دليل.
و منها:
رواية علي بن أبي المغيرة، قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السلام-: جعلت فداك الميتة ينتفع منها بشيء؟ فقال: لا. قلت: بلغنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مرّ بشاة ميتة، فقال: ما كان على أهل هذه الشاة إذ لم ينتفعوا بلحمها، أن ينتفعوا بإهابها؟ قال:
تلك شاة لسودة بنت زمعة زوجة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و كانت شاة مهزولة لا ينتفع بلحمها، فتركوها حتى ماتت، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما كان على أهلها إذ لم ينتفعوا بلحمها، أن ينتفعوا بإهابها أن تذكّى، و في نسخة: أي تذكّى [1].
و دلالتها واضحة. سيّما إذا كان قوله «منها» متعلّقا بالفعل، و يكون المراد:
هل ينتفع منها بوجه من الوجوه.
لكن في سندها ضعف بعلي بن أبي المغيرة، للوثوق بأنّ توثيق العلّامة تبع للنّجاشي في ابنه الحسن بن عليّ بن أبي مغيرة، و ظاهر كلام النجاشي توثيق ابنه [2]، فتعبير السيد صاحب الرياض عنها بالصحيحة [3] غير وجيه ظاهرا.
[1] الوسائل 16- 368، كتاب الأطعمة و الأشربة، الباب 34 من أبواب الأطعمة المحرّمة، الحديث 4، و التهذيب 9- 79 في باب الذبائح و الأطعمة، الحديث 74، مع تفاوت ما، ففي الوسائل «فقال:
إذا رميت و سمّيت فانتفع بجلده».
______________________________
[1] الوسائل 2- 1080، كتاب الطهارة، الباب 61 من أبواب النجاسات، الحديث 2، و الكافي 3- 398، كتاب الصلاة، باب اللباس الذي تكره الصلاة فيه.، الحديث 6.
[2] راجع رجال العلّامة الحلي: 43 الرقم 29، و رجال النجاشي: 49، الرقم 106.
[3] رياض المسائل 1- 499، كتاب التجارة، الأعيان النجسة.