رواية أبي الدرداء، قال: نال رجل من عرض رجل عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فردّ رجل من القوم عليه، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من ردّ عن عرض أخيه كان له حجابا من النار» [1].
فإنّه لو كان الردّ واجبا على من سمعها كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و سائر الحضّار يردّون عليه، إلّا أن يقال: إنّه واجب كفائي، و هو كما ترى مخالف لظاهر الروايات.
و أمّا عدم نهيهم عنه لعلّه لعذر كعدم احتمال التأثير أو انتهائه بردّ الرجل.
و يؤيّده أيضا عدّه في خلال الحقوق التي جلّها أو كلّها غير واجب في
رواية محمد بن جعفر العلويّ عن آبائه عن علي- عليه السلام-، قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: للمسلم على أخيه ثلاثون حقّا»
فتحصّل ممّا ذكر أنّه لا دليل معتدّ به على وجوب النصر و لا على حرمة الخذلان و لا على وجوب الردّ أو حرمة تركه إن كان له عنوان آخر غير النهي عن المنكر.
و أمّا لو كان المراد النهي عن المنكر فلا شبهة في وجوبه مع شرائطه، لكن حمله عليه خلاف الظاهر ظاهرا، كما أنّ الانتصار و النصر عنوان آخر غير النهي عن المنكر و غير الردّ.
ما يقتضي إطلاق الأدلّة
ثمّ إنّ مقتضى إطلاق الأدلّة، سواء قلنا بوجوب النصر و الردّ أو قلنا
[1] الأمالي للمفيد- 338، المجلس الأربعون، الحديث 2، و عنه في مستدرك الوسائل 9- 132، الباب 136 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 4، و الرواية مجهولة بأبي الدرداء. راجع تنقيح المقال آخر المجلد الثالث، ص 17 من فصل الكنى.
[2] الوسائل 8- 550، الباب 122 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 24.