نعم، إن كان المستند فيه المستفيضة المتقدّمة المفسّرة لها
كقوله: «هو أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل و تبثّ عليه أمرا قد ستره اللّه عليه لم يقم عليه فيه حدّ»،
و غيره [1] ممّا مرّ، يكون الجهر بفسق ما موجبا لصدق عدم كونه مستورا و كونه ممّا يعرفه الناس.
الجمع بين الروايات في المقام
ثمّ إنّ مقتضى إطلاق الأدلّة مثل حسنة هارون بن الجهم و غيرها جواز اغتياب المتجاهر في غير ما تجاهر به، لكنّها معارضة بالمستفيضة المتقدّمة تعارض العامّين من وجه.
فإنّ
قوله: «الغيبة أن تقول لأخيك ما ستره اللّه عليه»
بإطلاقه شامل لمن تجاهر في فسق آخر، و مع تعارضهما فالترجيح للمستفيضة لكونها موافقة للكتاب و السنّة المعلومة.
بل يمكن أن يقال بعدم التعارض بينهما، فإنّ العرف و لو بملاحظة ارتكازاته و مناسبات الحكم و الموضوع يجمع بين الطائفتين بأنّ المتجاهر يجوز غيبته فيما تجاهر به دون ما استتر به، و لا ينقدح في الأذهان التنافي بينهما و إن كانت النسبة العموم من وجه.
و إن شئت قلت: إنّ الروايات المفصّلة بين الأمر الظاهر و المستتر أقوى ظهورا من المطلقات في الإطلاق، بل لأحد إنكار إطلاقها، أو دعوى انصرافها إلى الجواز فيما تجاهر به. بأن يقال: إنّ تجويزها كأنّه معلول هتك عرض نفسه فإذا كان هاتكا له لا يجب على غيره الكفّ عنه دون ما إذا كان مستترا غير هاتك فلا يجوز
[1] نفس المصدر و الباب، الحديث 1، و كذا الحديثان 2 و 3.