فهو نظير أن يقال: من شتم فقيها يخرج عن ولاية اللّه، حيث لا يدلّ على جواز شتم غير الفقيه، بل غاية ما يدلّ انتفاء هذه الخاصّة عند انتفاء الفقاهة.
ثمّ إن كان المستند في جواز غيبة المتجاهر بالفسق مثل حسنة هارون بن الجهم [1] و رواية أبي البختري [2] و ما بمضمونهما يشكل الحكم بالجواز بمجرّد الإجهار بفسق.
لاحتمال أن يكون المراد من
قوله: «إذا جاهر الفاسق بفسقه»،
و
قوله: «الفاسق المعلن بالفسق»
هو الّذي لم يستتر فجوره و لا يبالي بظهور كلّ فسق، سيّما مع ما يقال: إنّ المصدر المضاف يفيد العموم بناء على أنّ الفسق مصدر أو اسم مصدر و كان بحكمه فيه، و ما يقال: إنّ المفرد المحلّى أيضا كذلك، و لا أقلّ أن يكونا بحكم المطلق، فيكونان مساوقين
لقوله: «من ألقى جلباب الحياء عن وجهه».
فإنّ ارتكاب فسق واحد علنا مع الاستحياء عن سائر الفسوق، لا يوجب إلقاء جلباب الحياء.
و بالجملة، فرق عرفا بين قوله: «إذا جاهر الفاسق بفسق و الفاسق المعلن بفسق»، و بين ما في الروايتين، فإنّ ذلك لا يصدق مع إجهار فسق ما.
لا أقول: إنّ الصدق يتوقّف على إجهار جميع فجوره بنحو الاستغراق و إن كان ذلك مقتضى ما تقدّم من العموم أو الإطلاق، بل أقول: إنّه يتوقّف على أن لا يعتني بالناس في ذنوبه و ألقى جلباب الحياء عن وجهه، فحينئذ تصدق العناوين عليه عرفا من غير توقّف على الإجهار بالجميع.
[1] الوسائل 8- 604، كتاب الحج، الباب 154 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 4.