فحينئذ لا يبقى ظهور لذيلها في مقابلها تقابل التباين لو سلّم ظهوره في نفسه، بل الظاهر من الصدر و الذيل أنّ ماهيّة الغيبة مطلق ذكر السوء، و إذا لم يكن فيه يكون مع ذلك بهتانا، فيرجع إلى قول صاحب المصباح: «فإن كان باطلا فهو الغيبة في بهت».
و إن شئت قلت: إنّ ظهور التحديد في الإطلاق أقوى من ظهور التقابل في كونه على نحو التباين، مع أنّه ليس بظهور بل إشعار لو لا الاحتفاف بما ذكر.
و منها:
رواية عبد الرحمن بن سيابة، و السند إليه صحيح و هو لا يخلو من مدح و حسن [1].
قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السلام- يقول: «الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره اللّه عليه، و أمّا الأمر الظاهر مثل الحدّة و العجلة فلا، و البهتان أن تقول فيه ما ليس فيه». [2].
و فيه- مضافا إلى احتمال أن تكون هي عين
روايته الأخرى عنه- عليه السلام-، قال: «إنّ من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره اللّه عليه، و إنّ من البهتان أن تقول في أخيك ما ليس فيه» [3]،
الظاهرة في أنّ التعريف لقسم منهما و لهما قسم أو أقسام أخر فتشعر أو تدلّ على أعمّيتها- أنّ الظاهر منها أنّه بصدد بيان أمر آخر و هو اعتبار كون ما يكره ممّا ستره اللّه عليه مقابل الأمر الظاهر كالحدّة، لا بصدد بيان ماهيّة الغيبة مطلقا، و معه لا يستفاد منها اعتبار كونه فيه، و ذكر البهتان بما ذكر لا يدلّ على مقابلتهما بنحو التباين بل يصحّ ذلك و لو لاشتماله على زيادة هي الافتراء.