و يرجع كلامه إلى دعويين: إحداهما أنّ ما دلّت على تحريم التصوير تدلّ على تحريم الإبقاء، و الثانية أنّ ما دلّت على جواز الإبقاء تشعر بجواز التصوير.
فصارتا موجبتين لحمل الأخبار المجوّزة للإبقاء على ما يجوز تصويره كتصوير غير ذي الظلّ من ذوات الأرواح على البسط و نحوها، و الأخبار المانعة عن التصوير على غيرها ممّا يحرم إبقاؤها أيضا.
و تقريب دعواه الأولى أنّ ما يتعلّق به الأمر و النهي إن لم تكن من الماهيّات التي لها بقاء بل حدوثها معانق لزوالها، فلا محالة يكون النهي عن وجودها و إيجادها بالمعنى المصدري و هما متحدان خارجا مختلفان اعتبارا.
و إن كانت من الماهيّات التي لها بقاء و ثبات في الخارج، فلا ينتقل ذهن العرف و العقلاء من النواهي مثلا على أنّ المبغوض صرف هذا المعنى المصدري و حاصله، أي الإيجاد و الوجود، بل المتفاهم العرفي من الأوامر و النواهي المتعلّقة بها أنّ تلك الماهيّة القارّة الذات محبوبة أو مبغوضة له و إنّما أمر بإيجادها لمحبوبيّتها بوجودها المستقرّ المستمر و نهى عنها لمبغوضيّتها كذلك، و لا تنتقل الأذهان إلى الإيجاد و الوجود بنحو الاستقلال كما لا تتوجّه إلى احتمال أن يكون في نفس الأمر و النهي مصلحة، و ذلك لأنّ تلك العناوين التوسليّة و التوصليّة لا ينظر إليها استقلالا إلّا مع قيام قرينة أو مع لابديّة.
فلو أمر المولى بإيجاد شيء له البقاء كبناء الأبنية و غرس الأشجار و كتابة الكتب و نحوها، لا ينقدح في الأذهان منه أنّ نفس الإيجاد المصدري مطلوبة، لا الماهيّة المستقرّة الوجود. و كذا لو نهى عن ماهية كذائية كعمل الأصنام و الصور و آلات اللهو و القمار، كما يظهر للمراجع إلى الأمثال و النظائر.