responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صحيفة الإمام( ترجمه عربى) نویسنده : الخميني، السيد روح الله    جلد : 3  صفحه : 214

تتجلَّى له في الموضوع الذي يراه هو، ولا وجود لسواه، قضية (موسى والخضر) ظاهرها [1] هذا المعنى الذي ذكر مثلًا.

والإنسان اساساً حينما ينصب جهده على علم من العلوم، ويوجِّه اهتمامه نحوه، فان اهتمامه سينحصر به، والقلب بطبيعته هكذا، فحينما يتوجه نحو العرفان يصبح كله عبارة عن (عرفان) ولا يثير اهتمامه بعدئذ وجود دنيا أو وجود منهج تربوي، فهو يرى العبادات بشكل آخر، والدعاء كذلك بصورة أخرى، أجل، يفسّر الأمور كلّها بالمعنى الذي لا يرى غيره، ولذا لا يدرك الأمور التي لا تنسجم مع توجّهه، ويفسّر جميع الأمور بالمعنى المسلّم به عنده.

من جهة ثانية فإن أولئك الذين تمسكوا بالاتجاه الآخر، وأضحى الواحد منهم لا يدرك سوى عالم المادة هذا، هم ذوو إدراك ناقص لا يفهمون حقيقة الأمر، إدراكهم ناقص، وهم ليسوا أصحاب برهان أو استدلال بحيث يمكنهم إثبات مدعاهم، انهم ذوو بيان، ذوو بيان جميل، أدباء، وهم لا يتعقلون بوجود ما وراء هذا العالم، لذا يُؤوّلون الآيات بآرائهم، ويفسرونها بهذه الحياة الحيوانية، وينادون بجعل الحياة بلا طبقية، بجعلها مرفهة يعيش فيها الجميع سواسية وما شابه ذلك، إذا أمكن ذلك أساساً.

لابد من القول: إن الإسلام (بدأ غريباً) [2] وغير مرغوب فيه، واليوم أيضاً عاد الإسلام غريباً، والإسلام كان غريباً منذ بدء ظهوره حتى الآن، وما من أحد يعرف الإسلام كما ينبغي.

ذلك (العارف) عالم بالإسلام بتلك المعاني العرفانية والغيبية، وذلك (المتديّن) الذي ظهر بعد ذلك، وكتب في المجلّات كذا، يرى الإسلام عبارة عن معرفة حكومته وما ينبغي أن تكون عليه، وكيف تكون تربيتها، وما يجب أن يكون عليه ظاهرها، وما ينبغي وجوده من العدالة.

ويكفي أن يصل الإنسان لتحقيق تلك الحياة المادية الطبيعية بتلك الشروط، فيكون الإسلام قد حقق أهدافه، فأقصى غاية الإسلام هي هذه الحياة الحيوانية المرفّهة التي يعيش فيها البشر كسائر الحيوانات التي ترعى في المراعي، لا يزاحم أحدها الآخر، وتعلف جميعها على السواء.

فالبشر هم كذلك، يقولون: (ان بني الإنسان القديم كانوا جميعاً يأكلون السمك، يصطادون السمك من البحار، ويأكلونه دون أن يزاحم أحد أحداً، ويصطادون الغزلان والحيوانات الأخرى من الصحاري، ويأكلون على السواء دون أن يضيق أحدهم بالآخر، وهذه هي المرتبة الراقية التي كان الإسلام وما زال يسعى لبلوغها.

فالاسلام وسائر الأديان السماوية جاءت، لكي تعيد البشر إلى تلك الحياة الحيوانية المرفهة.

كل ما هنالك أنهم كانوا سابقاً يصطادون السمك ويعيشون، الآن سيعيشون بالسمك والدجاج حياةً مرفّهة يصلح الانسان فيها أمر لباسه ومأكله وحسب) اما ما عدا ذلك من المعارف الالهية وما وراء هذا العالم وما وراء الطبيعة، فلا يستطيعون أن يتعقلوه، فماذا يفعلون حين لا يستطيعون إدراكه؟

عليه، أقول: أيها السادة المحترمون المشتغلون بتحصيل العلوم ليس لأولئك الحق أن يقولوا لكم.


[1] سورة الكهف، الآيات 60- 82.

[2] اشارة إلى الحديث النبوي (ان الإسلام بدأ غريباً، ويعود غريباً، كما يبدو، فطوبى للغرباء) مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 398.

نام کتاب : صحيفة الإمام( ترجمه عربى) نویسنده : الخميني، السيد روح الله    جلد : 3  صفحه : 214
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست