responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صحيفة الإمام( ترجمه عربى) نویسنده : الخميني، السيد روح الله    جلد : 3  صفحه : 211

بها الإنسان وهي: التعقل، والجوانب المعنوية والتجرّد الذاتي. وليس للحيوان مرتبة التعقّل والتجرّد.

ثانياً: أنّ القرآن الكريم الذي يتصدر الكتب السماوية التي جاءت في الحقيقة- كالقرآن الكريم- لبناء هذا الإنسان، وتحويله من إنسان بالقوة إلى إنسان بالفعل، وموجود بالفعل، والأنبياء بدعوتهم بعثوا لتحقيق هذا الغرض- حسب اختلاف مراتبهم طبعاً- وهو تحويل الإنسان إلى إنسان حقيقي من (القوة) الى (الفعل) فجميع العلوم والعبادات والمعارف الإلهية والأحكام العبادية وكلّ ما هو موجود، إنّما يراد بها تحقيق هذا الأمر، ألا وهو تحويل الإنسان الناقص إلى إنسان كامل.

فالقرآن الكريم اذاً، كتاب لبناء الإنسان، وإذا ارتبط به الإنسان، وجده ضامناً لجميع المراتب الخاصّة بالإنسان، فكلّها فيه ومنه. والإسلام وسائر الاديان الإلهية تختلف عن سائر الحكومات، حكومة الإسلام ليست كسائر الحكومات، فسائر الحكومات مادية مهما كان نظامها، فهي تهتم بحفظ النظم في بلدانها، وإذا كان في ظلها من يتوخّون العدالة، ولا يظلمون أحداً ولا يعتدون عليه، وإذا حكموا عدلوا، ولم يتعدّوا على الآخرين، فإنّهم لا يبتغون غيرّ حفظ النظم في بلادهم فقط.

لذا كان لكلّ أحدً أن يفعل داخل منزله ما يشاء، بشرط أن لا يضرّ الحكومة، ولا يمس النظام. بإمكانه أن يشرب الخمر داخل منزله، أو يلعب الميسر، أو يرتكب ما أراد من القبائح، فإنّ الحكومة لا تتعرّض له. أما إذا خرج معربداً، فإنّ الحكومة تعترضه لما في ذلك من الإخلال بالنظام. أما ما يفعله داخل جدران منزله، فليس من شأنهم سواء في ذلك الحكومة العادلة والجائرة، إلّا إذا حصل اعتداء داخل المنزل، وعرضت القضية على الحاكم، حينها سيتصرفون ..

والحال ان الإسلام والحكومات الإلهية ليست كذلك، فهي تطرح حكهما في كل مكان، وعلى كل أحد أينما كان، وعلى أية حالة، أي أنّه إذا أراد أحد القيام بعمل مناف أو فساد ما داخل منزله، فإن الأحكام والحكومة الإسلامية تتبعه إلى هناك، وإن كانت الحكومة لا تأتي للتفتيش إلا أنّ الامر بحد ذاته محرّم، فهي تعطي حكماً بعدم القيام بذلك العمل، وتحدّد العقاب لمن يرتكبه، وإذا تم اكتشافه فإن لديها من الاساليب المختلفة من أنواع الحدود والردود التي تعتمد على الموازين الموجودة في الشريعة.

الإسلام وسائر الحكومات والدعوات الالهية تعتني بجميع شؤون الإنسان بدءاً من أدناها حتى أعلاها، لا مثل الحكومات الأخرى التي تهتم فقط بساسة الملك، فكما أن الإسلام ذو سياسة للبلاد، وأغلب أحكامه أحكام سياسية هو ذو أحكام معنويّة، فيه حقائق ومعنويات وأمور تبعث الإنسان على الرشد وتحكمه، والاشياء الداخلة في تربية الإنسان محكومة بضوابط معنوية، وفي درجة أدنى منها هي درجة الأخلاق ولها أحكام أخلاقية، أقول: تعتني أحكام الإسلام بالرشد المعنوي للانسان، وبتربية الإنسان روحياً في العشرة، فالاسلام يحدد أحكام العلاقة بين المسلمين والآخرين، للاسلام أحكام لعلاقة الإنسان مع نفسه، وأحكام لعلاقة الإنسان مع زوجته، ومع ولده وجيرانه، ومحلته واصحابه، ولعلاقته مع مواطني بلده، ولعلاقته مع من يعتنقون نفس ديانته، ومن يعتنقون غير ديانته، أحكام تشمل كل الحياة حتّى ما بعد الموت.

نام کتاب : صحيفة الإمام( ترجمه عربى) نویسنده : الخميني، السيد روح الله    جلد : 3  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست