يفهم غالبية البشر الكثير مما جاء في هذا الكتاب، والخواص يفهمون المسائل ذات العمق الأكبر، وخواص الخواص يدركون ما هو أعمق من كل ذلك، لكن «إنّما يعرف الكتاب من خوطب به)، فكل من يرغب بالتعرف علىالنبي (ص)- ينبغي عليه أن يعرف القرآن، ولا أحد يستطيع ذلك.
بناءاً علىهذا، ليس بمقدور أحد التعرف علىالنبي؛ لأنّكتابه معرف له وكاشف عنه وعن الامام الصادق (ع) أيضاً بعد كون وجود النبي نفسه كاشف عن نفسه وغيره.
هذا هو الفقه الذي بسط بلسان القرآن ذاته وهو الذي يحتاجه البشر الىآخر الزمان والذي يجيب عن جميع المسائل المستحدثة.
إنّ هذا الفقه الوارد في الكتاب والسنة والذي بيّن الامام الصادق (ع) غالبيته يلبي جميع الاحتياجات الظاهرية والمعنوية والفلسفية والعرفانية لكافة البشر الىيوم القيامة، نعم هذا هو مضمون القرآن الكريم، وهو كاشف عن هؤلاء العظام فلا نستطيع نحن أن نثني عليهم بما يليق بشأنهم.
و تتضمن أدعية أئمة الهدى (ع) نفس المواضيع التي حواها القرآن الكريم بلهجة مختلفة، فالقرآن ذو لغة معينة ويتحدث بأسلوبه الخاص ويتضمن جميع المواضيع، لكنّ أغلبها بشكل إيماءة لانتمكن من إدراكها، بينما تختلف حالة أدعية الأئمة، وبحسب تعبير أستاذنا الشيخ العارف فإنّ الأدعية كتاب صاعد والقرآن نازل [1]، كان يقول: إنّ القرآن كتاب نازل حيث نزل منه تعالى، وأدعية الأئمة كتاب صاعد، ويقصد أنّ القرآن آخذ في الصعود تقريباً.
من أراد أن يدرك منزلة الأئمة فعليه الرجوع الىآثارهم، وما هي إلا أدعيتهم من قبيل المناجاة الشعبانية وأدعية نهج البلاغة ودعاء يوم عرفة، وفي الحقيقة لا يعرف الانسان ما ذا يقول بشأنها.
علىأية حال، نحن نعجز عن شكر النعمة العظيمة بكوننا ننتمي الىمذهب يعتمد علىمصدري الوحي والولاية، فأغلب الفرق تفتقر الىالمصدر الثاني ونحن نعجز عن تقديم الشكر للباري جل وعلا علىذلك، ونسأل الله تعالىأن يوفقنا لذلك.
عندما نقرأ الآيات الشريفة أو نطالع سيرة الأنبياء نلاحظ أنّ جميعهم عملوا علىإيجاد العدالة في الدنيا، مع أنّ هذا لم يكن هدفاًرئيسياً، بل عبارة عن مقدمة لتحقيق الأهداف المتوخاة، فالنبي الكريم (ص) سعىلإقامة العدالة لتكون مقدمة لطرح مواضيعه الجوهرية نظير إصلاح وتهذيب الانسان، ومنذ أن هبط الوحي علىالأنبياء كان هدفهم الأول معارضة الظالمين والجائرين كل بطريقته الخاصة، فلا يُتصور أنّ النبي يجلس في بيته ويقرأ الأدعية