تعيشون التبعية لهم ليقتلوا فيكم كل طموح، وليجمّدوا عقولكم وأدمغتكم من أن تفكّر وتبدع، وليقيدوا أيديكم من أن تعمل وتصنع. فلو كانت أدمغتنا تعمل، ما كان وضع بلادنا هذا الوضع، ولكنهم لم يسمحوا لها بأن تعمل، فقد جلبوا لنا وأعدّوا لنا كل ما نحتاجه، حتى ثرواتنا المعدنية استخرجوها لنا وأعطونا ثمنها، فقد أعطونا كل شيء لئلا نجد في أنفسنا الحاجة لنفكر في صناعة شيء أو إقامة صناعة ما. فلو لم تقطعوا علاقاتكم مع الدنيا بأسرها- تلك العلاقات التي تحول بينكم وبين العزلة الحقيقية- فلن تستطيعوا أن تكونوا من أهل الصناعة، أو يكون بلدكم بلداً صناعياً أو تعيشوا الإستقلال والحرية بمعناها الحقيقي، فهذه العزلة هي من نعم الله الكبيرة علينا.
فقارنوا بلدكم الآن وهو يعيش في عزلة، مع بلدكم قبل عشر سنوات عندما كان يعيش بدونها، قارنوا بين هاتين المرحلتين وفكروا فيهما جيداً فسنجد أن الأفكار التي كانت سائدة قبل العزلة، هي أننا بلدٌ ضعيف ولا نملك شيئاً، وليس بمقدورنا أن نصنع شيئاً، وجميع حاجاتنا علينا أن نستوردها من الخارج، أما بعد العزلة فقد اختلف الوضع، حيث أصبحنا نسمع كلمات من مثل، أننا نملك كل شيء ونحن قادرون على فعل وصناعة كل ما نحتاج ولدينا عقول وأدمغة، وشباب مبدعون، كيف لا يوجد عندنا شيء؟ لدينا كل شيء، لدينا أراض واسعة تحتاج لمن يعرف استغلالها، وإن لدينا من الثروات والخيرات الكثير، فكيف لا يوجد عندنا شيء؟ لدينا كل شيء، ولكن عدم العزلة والتبعية للغير هي التي أوصلتنا إلى هذه الحال التي نحن عليها. بحيث أصبحنا نحتاج لأن نمد يدنا إلى الغير في كل ما نحتاجه، فعلينا في هذه السنوات القليلة القادمة أن نتحمل شيئاً من الضغوطات والصعوبات حتى نتمكن من الوقوف على أرجلنا ونصبح بشراً كالآخرين.
المقاومة الشجاعة للشعب الإيراني مقابل العدوان العراقي
إن هذه القوى قد انكسرت شوكتها، بدليل أنه مضى على إحتلال شبابنا للسفارة، وقيامهم بهذا العمل القيّم والرائع، عامٌ كامل، دون أن يحرك هؤلاء ساكناً أو تقوم الدنيا وتقعد، ولنفرض الآن أن صدام المنحوس، هذا الخائن والعميل، الذي يريد أن يجر أمته وبلاده إلى الهلاك، ويفرض عليهم إرادته وأهواءه، يريد أن يشن حرباً دموية علينا، فهل هذا معناه أن نضعف ونسقط؟ كلا؛ فإننا متعودون على الصبر والتحمل، وأمتنا وشبابنا قد اعتادوا على هذه المسائل، فمنذ خمسين أو ستين سنة وهم لا يفتحون أعينهم إلا على هذا النوع من المصائب والمتاعب والبلايا، فنحن معتادون على التعب والمشقة، وشبابنا معتادون على ذلك أيضاً. فالآن وقد وجدوا أنفسهم، وذاقوا طعم الاستقلال والحرية، فإنهم مستعدون، وبكل إقتدار، للوقوف بوجه هذا المجرم وجيشه حتى لو طالت هذه الحرب