responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صحيفة الإمام( ترجمه عربى) نویسنده : الخميني، السيد روح الله    جلد : 13  صفحه : 223

الراحة ولو تأملنا حياته في المدينة لوجدنا أنه أمضى فيها عشر سنوات من الإنشغال التام بالحروب والغزوات والتأسيس للحكومة الإسلامية الفتية، والتي كان جميع ثقل مسؤولياتها على عاتقه وحده، فحياته في المدينة لم تكن أحسن حالا من حياته في مكة من حيث التعب والجهد والمشقة، ولكن الذي هوّن كلّ هذا في عينيه وجعله لا يقيم لكل هذه المشاق وزناً، هو أن الله كان من وراء القصد في كل خطوة خطاها، وكل حركة قام بها. ولهذا عندما طلب منه زعماء مكة أن يتخلى عن دعوته هذه على أن يكون له ما يشاء من المال والجاه والسلطان رفض قائلًا: «والله لو وضعتم الشمس في يميني، والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته». لأن هذه الدعوة، دعوة إلهية ومسؤولية ومهمة إلهية، وليس القصد من ورائها المال والجاه والمقام والمنصب، فعلى قدر سمو وعلو القصد والهدف تهون الصعاب والمشاق التي تعترض الطريق إليه في عين الإنسان، ومن جهة أخرى، فإنك تجد أفراداً قد أخرجوا أنفسهم من دائرة الإنسانية والفطرة، وتنزّلوا إلى مستوى البهيمية رغم صورهم البشرية وتحولوا إلى سباع وشياطين في صورة إنسان، فهؤلاء أيضاً لديهم مقاصدهم وأهدافهم التي يسعون في سبيلها، ولكن شتان ما بين هذين السبيلين، وشتان ما بين هذه الأهداف وتلك، فهؤلاء يسعون لتحقيق مآربهم الحيوانية، الشيطانية، وأولئك يسعون في سبيل أهداف ومقاصد إلهية.

فالأنبياء والرسُل، إنما بُعثوا بهذه الرسالات والتعاليم والأحكام والأخلاق، ليحافظوا على إنسانية الإنسان، وليردوا من ضل وتاه وابتعد عن إنسانيته وفطرته إليها، فيحافظوا بذلك على إنسانية المجتمع كل المجتمع، من أن يسقط إلى مستوى البهيمية والطاغوتية والشيطانية. فهم مكلفون من قبل الباري تعالى بأن يحافظوا على إنسانية الأمم والشعوب والمجتمعات، عبر الرسالات والتعاليم التي يحملونها، وهذا كان دأبهم منذ بدء الخليقة ولم يتغير.

الصراط المستقيم، معيارٌ للنصر والهزيمة

إن الجهود التي بذلها الأنبياء والرسل (ع)، وجميع الكتب السماوية التي انزلت عليهم وما تحويه من تعاليم وأحكام وإرشادات، تهدف إلى هداية الإنسان ودعوته إلى الصراط المستقيم، لتصنع منه موجوداً إلهياً، إنساناً إلهياً، لأن هذا الموجود لو ترك ونفسه دون هداية أو إرشاد سيتحول إلى موجودٍ أضل من الحيوان، وأكثر شيطنة من الشيطان. ولكن وعلى رغم حرص الأنبياء الشديد، في هداية مجتمعاتهم، إلا أن الكثير من الناس أبوا إلا عتواً ونفوراً وإصراراً على الكفر والضلال والخروج عن دائرة الإنسانية.

نام کتاب : صحيفة الإمام( ترجمه عربى) نویسنده : الخميني، السيد روح الله    جلد : 13  صفحه : 223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست