كلام على أثر الحديث، فكم قد
زيد بسببه في أحاديث ما ليس منها، و لم يتبيّن الحال إلّا عن فضل تدبّر، و ربما
انعكست القضيّة؛ فنقص من الحديث شطره، لظنّ كونه من غيره، فالاحتراز من وقوع مثله
مهمّ. إذا تقرّر هذا فاعلم أنّ الشّيخ أبا جعفر ابن بابويه- رضي اللّه عنه- روى في
كتابه شطرا من الأخبار عن زرارة بإسناد ليس بواضح الصحّة على ما اخترناه، لأنّ في
جملته الحسن بن- ظريف؛ و لم تستفد عدالته إلّا من شهادة النجاشيّ؛ و تبعه العلّامة
كما هو رأيه، لكنّ الّذي يقوى في نفسي الاعتماد على الإسناد المذكور، لأنّ رواية
الحسن بن ظريف فيه وقعت منضمّة إلي رواية محمّد بن عيسى بن عبيد، و عليّ بن إسماعيل
بن عيسى؛ و انضمّ إلى ذلك من القرائن الحاليّة الّتي يعرفها الممارس ما أخرج
الرّواية في تلك الطّبقة من حيّز الآحاد الصّرفة؛ و سائر السّند لا ريب فيه؛ فهو
حينئذ و إن كان بحسب الاصطلاح خارجا عن حدّ الصّحيح لكنّه في الحكم من جملته، و قد
رأينا إيراده في القسم الثّاني مشيا على الاصطلاح، و الحكم قد بيّنّاه.
[الفائدة
الثّالثة: في اختلاف مسلك المشايخ الثّلاثة في ذكر السند.]
الفائدة
الثالثة: ينبغي أن يعلم أنّ حال المشايخ الثلاثة، في ذكر الأسانيد مختلف فالشّيخ
أبو جعفر الكلينيّ يذكر إسناد الحديث بتمامه، أو يحيل في أوّله على إسناد سابق
قريب.
و
الصّدوق يترك أكثر السّند في محلّ رواية الخبر، و يذكر الطّرق المتروكة، في آخر
الكتاب مفصّلة.
و
الشّيخ أبو جعفر الطّوسيّ يذكر تمام الإسناد تارة، و يترك أكثره اخرى، و ربما ترك
الأقلّ و أبقى الأكثر، و أهل الدّراية يسمّون ترك أوائل الأسانيد تعليقا.
ثمّ
إنّه ذكر في آخر التّهذيب- بعبارة واضحة، و في الاستبصار بتأدية مختلّة يشهد معها
الاعتبار باتّحاد المراد- أنّ كلّ حديث ترك أوّل إسناده إبتدأ في باقيه باسم
الرّجل الّذي أخذ الحديث من كتابه، أو صاحب الأصل