responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : من لا يحضره الفقيه نویسنده : الشيخ الصدوق    جلد : 3  صفحه : 89

بَابُ الْحُكْمِ بِالْقُرْعَةِ

3388- رَوَى حَمَّادُ بْنُ عِيسَى عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ حَرِيزٍ[1] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‌ أَوَّلُ مَنْ سُوهِمَ عَلَيْهِ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ‌ وَ السِّهَامُ سِتَّةٌ ثُمَّ اسْتَهَمُوا فِي يُونُسَ ع لَمَّا رَكِبَ مَعَ الْقَوْمِ فَوَقَعَتِ‌[2] السَّفِينَةُ فِي اللُّجَّةِ فَاسْتَهَمُوا فَوَقَعَ السَّهْمُ عَلَى يُونُسَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ فَمَضَى يُونُسُ ع إِلَى صَدْرِ السَّفِينَةِ فَإِذَا الْحُوتُ فَاتِحٌ فَاهُ فَرَمَى نَفْسَهُ ثُمَّ كَانَ عِنْدَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تِسْعَةُ بَنِينَ فَنَذَرَ فِي الْعَاشِرِ إِنْ رَزَقَهُ اللَّهُ غُلَاماً أَنْ يَذْبَحَهُ- فَلَمَّا وُلِدَ عَبْدُ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ أَنْ يَذْبَحَهُ‌[3] وَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي صُلْبِهِ-


[1]. كان فيه اضطراب لان حماد بن عيسى يروى عن حريز بلا واسطة في جميع ما يروى عنه، و الصواب كما في الخصال و البحار و غيرهما عن حماد بن عيسى عن حريز عمن أخبره عن أبي جعفر عليه السلام و كان حريز من أصحاب أبي عبد اللّه و موسى بن جعفر عليهما السلام و قال يونس: انه لم يرو عن أبي عبد اللّه عليه السلام إلا حديثين، و هو لم يدرك أبا جعفر الباقر عليه السلام.

[2]. في بعض النسخ« فوقفت».

[3]. جاءت هذه القصة في كثير من كتب الحديث من الطريقين و اشتهرت بين الناس و أرسلها جماعة من المؤلّفين ارسال المسلّمات و نقلوها في مصنفاتهم دون أي نكير، و هي كما ترى تضمنت أمرا غريبا بل منكرا لا يجوز أن ينسب الى أحد من أوساط الناس و السذج منهم فضلا عن مثل عبد المطلب الّذى كان من الاصفياء و هو في العقل و الكياسة و الفطنة على حد يكاد أن لا يدانيه أحد من معاصريه، و قد يفتخر النّبى صلّى اللّه عليه و آله مع مقامه السّامى بكونه من أحفاده و ذراريه و يباهى به القوم و يقول: أنا النبيّ لا كذب* أنا ابن عبد المطلب.

و في الكافي روايات تدلّ على عظمته و جلالته و كمال ايمانه و عقله و درايته و رئاسته في قومه ففى المجلد الأول منه ص 446 في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال« يحشر عبد المطلب يوم القيامة أمّة واحدة، عليه سيماء الأنبياء و هيبة الملوك» يعنى إذا حشر الناس فوجا فوجا يحشر هو وحده، لانه كان في زمانه منفردا بدين الحق من بين قومه كما-- قاله العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه- و في حديث آخر رواه الكليني أيضا مسندا عن الصادق( ع) قال:« يبعث عبد المطلب أمة واحدة عليه بهاء الملوك، و سيماء الأنبياء، و ذلك أنّه أول من قال بالبداء» و في الحسن كالصحيح عن رفاعة عن أبي عبد اللّه( ع) قال:« كان عبد المطلب يفرش له بفناء الكعبة، لا يفرش لاحد غيره، و كان له ولد يقومون على رأسه فيمنعون من دنا منه»، الى أمثالها الكثير الطيب كلها تدلّ على كمال ايمانه و عقله و حصافة رأيه و ان أردت أن تحيط بذلك خبرا فانظر الى تاريخ اليعقوبي المتوفى في أواخر القرن الثالث ما ذكر من سننه التي سنّها و جاءت بها الإسلام من تحريمه الخمر، و الزنا و وضع الحدّ عليه، و قطع يد السارق، و نفى ذوات الرايات، و نهيه عن قتل الموؤدة، و نكاح المحارم، و اتيان البيوت من ظهورها، و طواف البيت عريانا، و حكمه بوجوب الوفاء بالنذر و تعظيم الأشهر الحرم، و بالمباهلة، و بمائة إبل في الدية ثمّ تأمل كيفية سلوكه مع أبرهة صاحب الفيل في تلك الغائلة المهلكة المهدمة كيف حفظ بحسن تدبيره و سديد رأيه قومه و دماءهم و أموالهم من الدمار و البوار دون أي مئونة و قال: أنا ربّ الإبل و لهذا البيت ربّ يمنعه» مع أن الواقعة موحشة بحيث تضطرب في أمثالها قلوب أكثر السائسين، فإذا كان الامر كذلك فكيف يصحّ أن يقال: انّه نذر أن يذبح سليله و ثمرة مهجته و قرة عينه قربة إلى اللّه سبحانه، و أنّى يتقرّب بفعل منهىّ عنه في جميع الشرائع و القتل من أشنع الأمور و أقبحها، و العقل مستقل بقبحه بل يعده من أعظم الجنايات، مضافا الى كل ذلك أن النذر بذبح الولد قربانا للمعبود من سنن الوثنيين و الصابئين و قد ذكره اللّه تعالى في جملة ما شنّع به على المشركين و قال في كتابه العزيز بعد نقل جمل من بدعهم و مفترياتهم:« كَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَ لِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَ ما يَفْتَرُونَ»( الانعام: 137) و هذا غير مسألة الوأد المعروف الذي كان بنو تميم من العرب يعملون به، فان المفهوم من ظاهر لفظ الاولاد أعم من الذكور منهم و البنات و الوأد مخصوص بالبنات، و أيضا غير قتلهم أولادهم من املاق أو خشيته، بل هو عنوان آخر يفعلونه على سبيل التقرّب الى الالهة. فان قيل: لعله كان مأمورا من جانب اللّه سبحانه كما كان جدّه إبراهيم( ع) مأمورا، قلنا: هذا التوجيه مخالف لظاهر الروايات فانّه صرّح في جميعها بأنّه نذر، مضافا الى أنّه لو كان مأمورا فلا محيص له عنه-- و يجب عليه أن يفعله كما أمر، فكيف فداء بالابل، و لم لم يقل في جواب من منعه- كما في الروايات-: انّى مأمور بذلك.

و بالجملة في طرق هذه القصة و ما شاكلها مثل خبر« أنا ابن الذّبيحين» جماعة كانوا ضعفاء أو مجهولين أو مهملين أو على غير مذهبنا مثل أحمد بن سعيد الهمدانيّ المعروف بابن عقدة و هو زيدى جارودى، أو أحمد بن الحسن القطان و هو شيخ من أصحاب الحديث عامى و يروى عنه المؤلّف في كتبه بدون أن يردفه بالرضيلة مع أن دأبه أن يتبع مشايخه بها ان كانوا اماميا، و كذا محمّد بن جعفر بن بطة الذي ضعّفه ابن الوليد و قال: كان مخلّطا فيما يسنده، و هكذا عبد اللّه بن داهر الأحمرى و هو ضعيف كما في( صه و جش) و أبو قتادة و وكيع بن الجرّاح و هما من رجال العامّة و رواتهم و لا يحتج بحديثهم إذا كان مخالفا لاصول المذهب و ان كانوا يسندون خبرهم الى أئمة أهل البيت عليهم السلام، و أنّك إذا تتبّعت أسانيد هذه القصة و ما شابهها ما شككت في أنّها من مفتعلات القصّاصين و مخترعاتهم نقلها المحدّثون من العامّة لجرح عبد المطلّب و نسبة الشرك- العياذ باللّه- اليه رغما للامامية حيث انّهم نزهوا آباء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن دنس الشرك، و يؤيّد ذلك أنّ كثيرا من قدماء مفسّريهم كالزمخشريّ و الفخر الرّازى و النيشابورى و أضرابهم و المتأخرين كالمراغى و سيّد قطب و زمرة كبيرة منهم نقلوا هذه القصّة أو أشاروا إليها عند تفسير قوله تعالى‌« وَ كَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ» و جعلوا عبد المطلب مصداقا للآية انتصارا لمذهبهم الباطل في اعتقاد الشرك في آباء النّبى صلّى اللّه عليه و آله و أجداده. قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه-:

اتّفقت الإماميّة- رضوان اللّه عليهم- على أن والدى الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و كل أجداده الى آدم عليه السلام كانوا مسلمين بل كانوا من الصّديقين إمّا أنبياء مرسلين أو أوصياء معصومين، ثمّ نقل عن الفخر الرّازى أنّه قال:« قالت الشيعة ان أحدا من آباء الرسول صلّى اللّه عليه و آله و أجداده ما كان كافرا» ثم قال: نقلت ذلك عن امامهم الرازيّ ليعلم أن اتفاق الشيعة على ذلك كان معلوما بحيث اشتهر بين المخالفين». و ان قيل: لا ملازمة بين هذا النذر و بين الشرك، و يمكن أن يقال ان نذر عبد المطلب كان للّه و امّا المشركون فنذروا لآلهتهم، قلت: ظاهر الآية أن النذر بذبح الولد من سنن المشركين دون الموحدين فالناذر اما مشرك أو تابع لسنن الشرك و جلّ ساحة عبد المطلب أن يكون مشركا- العياذ باللّه- أو تابعا لسنن-- المشركين، و الاصرار بتصحيح أمثال هذه القصص مع نكارتها كثيرا ما يكون من الغفلة عمّا جنته يد الافتعال، ثمّ اعلم أنّ المصنّف- رضوان اللّه تعالى عليه- لم يحتجّ بهذا الخبر في حكم من الاحكام انّما أورده في هذا الكتاب طردا للباب و يكون مراده جواز القرعة فقطّ و هو ظاهر من الخبر.

نام کتاب : من لا يحضره الفقيه نویسنده : الشيخ الصدوق    جلد : 3  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست