______________________________
-
قاله العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه- و في حديث آخر رواه الكليني أيضا مسندا عن
الصادق (ع) قال: «يبعث عبد المطلب أمة واحدة عليه بهاء الملوك، و سيماء الأنبياء،
و ذلك أنّه أول من قال بالبداء» و في الحسن كالصحيح عن رفاعة عن أبي عبد اللّه (ع)
قال: «كان عبد المطلب يفرش له بفناء الكعبة، لا يفرش لاحد غيره، و كان له ولد
يقومون على رأسه فيمنعون من دنا منه»، الى أمثالها الكثير الطيب كلها تدلّ على
كمال ايمانه و عقله و حصافة رأيه و ان أردت أن تحيط بذلك خبرا فانظر الى تاريخ
اليعقوبي المتوفى في أواخر القرن الثالث ما ذكر من سننه التي سنّها و جاءت بها
الإسلام من تحريمه الخمر، و الزنا و وضع الحدّ عليه، و قطع يد السارق، و نفى ذوات
الرايات، و نهيه عن قتل الموؤدة، و نكاح المحارم، و اتيان البيوت من ظهورها، و
طواف البيت عريانا، و حكمه بوجوب الوفاء بالنذر و تعظيم الأشهر الحرم، و
بالمباهلة، و بمائة إبل في الدية ثمّ تأمل كيفية سلوكه مع أبرهة صاحب الفيل في تلك
الغائلة المهلكة المهدمة كيف حفظ بحسن تدبيره و سديد رأيه قومه و دماءهم و أموالهم
من الدمار و البوار دون أي مئونة و قال: أنا ربّ الإبل و لهذا البيت ربّ يمنعه» مع
أن الواقعة موحشة بحيث تضطرب في أمثالها قلوب أكثر السائسين، فإذا كان الامر كذلك
فكيف يصحّ أن يقال: انّه نذر أن يذبح سليله و ثمرة مهجته و قرة عينه قربة إلى
اللّه سبحانه، و أنّى يتقرّب بفعل منهىّ عنه في جميع الشرائع و القتل من أشنع
الأمور و أقبحها، و العقل مستقل بقبحه بل يعده من أعظم الجنايات، مضافا الى كل ذلك
أن النذر بذبح الولد قربانا للمعبود من سنن الوثنيين و الصابئين و قد ذكره اللّه
تعالى في جملة ما شنّع به على المشركين و قال في كتابه العزيز بعد نقل جمل من
بدعهم و مفترياتهم: «كَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ
أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَ لِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَ
لَوْ شاءَ اللَّهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَ ما يَفْتَرُونَ» (الانعام:
137) و هذا غير مسألة الوأد المعروف الذي كان بنو تميم من العرب يعملون به، فان
المفهوم من ظاهر لفظ الاولاد أعم من الذكور منهم و البنات و الوأد مخصوص بالبنات،
و أيضا غير قتلهم أولادهم من املاق أو خشيته، بل هو عنوان آخر يفعلونه على سبيل
التقرّب الى الالهة. فان قيل: لعله كان مأمورا من جانب اللّه سبحانه كما كان جدّه
إبراهيم (ع) مأمورا، قلنا: هذا التوجيه مخالف لظاهر الروايات فانّه صرّح في جميعها
بأنّه نذر، مضافا الى أنّه لو كان مأمورا فلا محيص له عنه-
نام کتاب : من لا يحضره الفقيه نویسنده : الشيخ الصدوق جلد : 3 صفحه : 90