الإجتهاد في العبادة و الرّياضة، و تخرّج عليه خلق كثير من الصّوفيّة فى المجاهدة و الخلوة و لم يكن فى آخر عمره فى عصره مثله، و صحب عمّه أبا النّجيب، و عنه أخذ التّصوّف و الوعظ. و الشّيخ أبا محمّد عبد القادر الجيلى.
قلت: و عمّه المذكور هو الشّيخ ابو النجيب عبد القاهر بن محمد بن عمويه الملقّب ضيآء الدّين السّهروردى، و كان كما ذكره ابن خلّكان أيضا شيخ وقته بالعراق، و ولد بسهرورد سنة تسعين و أربعمأة تقريبا، و قدّم بغداد و تفقّه بالمدرسة النّظاميّة على أسعد الميهنى و غيره، ثمّ سلك طريق الصّوفيّة و حبّب إليه الإنقطاع و العزلة، و بنى رباطا على الشّطّ من اجانب الغربى ببغداد، و سكنه جماعة من أصحابه الصّالحين، و روى عنه الحافظ أبو سعد السمعانى، و ذكره فى كتابه، و توفّى ببغداد بعد عوده من سفر المصر و الشّام سنة ثلاث و ستّين و خمسمأة و دفن فى رباطه.
و امّا المراد بعبد القادر الجيلى الّذى ذكره أيضا فى مشايخ الشّيخ شهاب الدّين المذكور فهو القطب المشهور المقبور ببغداد الشّيخ عبد القادر الجيلانى الآتى ذكره و ترجمته إنشاء اللّه.
رجعنا إلى سلسلة الكلام على الشّيخ شهاب الدّين. انحدر إلى البصرة الى الشّيخ أبى محمّد بن عبد اللّه و رأى غيرهم من الشّيوخ، و حصل طرفا صالحا من الفقه و الخلاف، و قرأ الادب و عقد مجلس الوعظ سنين، و كان شيخ الشّيوخ ببغداد، و كان له مجلس وعظ، و على وعظه قبول كثير، و له نفس مبارك، حكى لى من حضر مجلسه انّه أنشد يوما فى المجلس على الكرسى:
لا تسقنى وحدى فما عوّدتنى
أنّى أشّح بها على جلّاسى
أنت الكريم و لا يليق تكرّما
أن يعبر النّدماء دور الكاس
فتواجد النّاس لذلك، و قطعت شعور كثيرة و تاب جمع كثير، و له تواليف حسنة منها كتاب «عوارف المعارف» و هو اشهرها، و له شعر و من ذلك قوله: