التكليف باحكام الشرع فى القيامة قبل دخول الجنة و النار]( .
د - قد تقدم نقل كلام صاحب فصوص الحكم من آخر الفص الاسماعيلى بأن الثناء
بصدق الوعد لا بصدق الوعيد . ثم قال بعد ذلك ما هذا لفظه( : و قد زال الامكان
فى حق الحق لما فيه من طلب المرجح) و للعلامة القيصرى تحقيق فى بيانه ينبغى
العناية به جدا , و الالتفات اليه جزما فى خلود أهل النار و أن مالهم الى
النعيم و هو ما يلى :
قد زال فى حق الحق امكان وقوع الوعيد , إذ لا شك أن الحق تعالى وعد
بالتجاوز فقال :
( و نتجاوز عن سيئاتهم) [1] و قال :
( إن الله يغفر الذنوب جميعا)
[2] ,
( إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء)
[3] ,
( و يعفوا عن السيئات)
[4] , و امثال ذلك , و وقوع وعده واجب , و هو التجاوز و العفو و الغفران
, فزال إمكان وقوع الوعيد لأن وقوع أحد طرفى الممكن لا يمكن إلا بمرجح , و ما ثم ما
يطلب الوعيد إلا الذنب و هو يرتفع بالتجاوز , فزال سبب وقوع الوعيد , و عدم
العلة موجب لعدم المعلول , و الوعيد أنما كان للتخويف و الاتقاء , و الايصال كل
منهم إلى كمالهم , لذلك قال - تعالى - :
( و ما نرسل بالايات إلا تخويفا و لعلهم يتقون)
. و قال بعض اهل الكمال :
(
و انى اذا اوعدته أو وعدته *** لمخلف ايعادى و منجز موعدى)
و لا يثنى بالوفاء بالايعاد بل بالتجاوز عنه , و يثنى بالوفاء بالوعد . و حضرة
الحق - تعالى - طالب الثناء فوجب اتيانه بما وعده من العفو و المغفرة و
التجاوز , و انتفى امكان وقوع ما اوعد به .
و إنما قال فى حق الحق و لم يقل فى حق الخلق , لأن زوال الامكان أنما هو بسبب
التجاوز و العفو , و هو من طرف الحق لا الخلق .
فان اختلج فى قلبك أن الشرك لا يغفر فيجب وقوع ما اوعده فضلا عن امكانه ,
فاعلم أن المقامات الكلية الجامعة لجميع العباد فى الاخرة ثلاث , و ان كان كل
منها مشتملا