الوجود من جميع الجهات فالانسان لا ينثلم وحدته بتبدل نشأة منه إلى نشأة و بكثرة
تشأن و تطور لقد خلقكم أطوارا ففى مرتبة طبع , و فى مرتبة نفس , و فى مرتبة
قلب , و فى مرتبة روح , و هكذا ففى عين كثرة المراتب واحد شخصى أوحد من الوحدات
الشخصية الامكانية .
كما ترى أن الصورة الشخصية البدنية كل يوم فى مادة لتحللها بالحرارات الأربع
و استخلاف بدل ما يتحلل عنها , و أما البلوغ إلى الحد الكذائى فى الصورة فبوصولها
إلى الصورة البرزخية , و أما فى النفس فبصيرورتها عقلا بسيطا غنيا عن البدن و
قواه بذاته و باطن ذاته بغناء الله و قدرة الله تعالى و ذلك لأن ذلك العقل
بالفعل البسيط انطوت فيه كل الفعليات التى دونه و يتأتى منه جميع ما تأتى منها
[1] .
هذه كانت عدة كلمات من صاحب غرر الفرائد فى الفريدة المذكورة رأيناها موجبة
لمزيد الاستبصار فى ما كنا بصدد بيانه فى هذه العين فأتينا بها . و سيأتى البحث
عن الرؤية فى العين التالية . و هذه الأحكام النفيسة النفسية فى الرؤيا الصالحة
آتية فى اليقظة أيضا . و ما هو فى الحقيقة ملاك الرؤيا و الكشف و ظهور التمثلات
و غيرها هو انصراف الانسان عن هذه النشأة . و انشاء النفس منشئاتها ناش عن
تمرنها و تدربها و طهارتها و همتها و نيلها بمقام كن و صيرورتها صاحب الأمر ثم
ان خواص نفس الانسانية لا تعد و ما تقدم فى العين التاسعة و الأربعين كانت
طائفة من أمهاتها .
تبصرة : بما أهدينا اليك فى هذه العين من اقتدار النفوس الكاملة بانشائها
أمثالها العديدة , و دخولهم فى العوالم الملكوتية و ظهورهم فى جميع العوالم
حسب ما شاء الله و غيرها مما تقدم , دريت معنى نحو قوله - سبحانه -
( : و اسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون)
[2] فانه لو لا تمكن دخوله فى العوالم لما أمره - سبحانه - بقوله
( و اسئل من أرسلنا من قبلك)
و لا بأس بنقل ما أفاد فى ذلك أبو المعالى القونوى فى آخر مفتاح غيب الجمع
و الوجود فى علامات الكامل حيث قال :
([ و من علاماته تمكنه من الاجتماع بمن شاء من الخلق , الأحياء منهم و الأموات
متى عينه الخلق له , و يكون ذلك على ضربين : الواحد أنه ينظر مستقر من يريد
الاجتماع به من