قوله( : و فى هذا المقام يطوى الزمان و المكان) . . . لأن النفس الناطقة
اذا صارت وسيعة باتحادها بالحقائق الأسمائية , صارت عرشه سبحانه فان قلب
المؤمن
عرش الله الاكبر , و كذا صارت كرسية تعالى فقال عز اسمه : وسع كرسيه السموات
و الأرض . قال العارف البسطامى( : لو وقع العالم و ما فيه الف الف مرة فى
زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به لغاية سعته) .
قوله( : و يظهر فى الحالة الواحدة) . . . النفوس الكاملة لا تصالهم و
اتحادهم بالروح الأول و الصادر الأول يحصل لهم السراية فى المظاهر كلها . و كما
أنهم عند كونهم فى الشهادة لا يمنعون من الدخول فى عالم الغيب , كذلك عند
كونهم فى الغيب لا يمنعون من الظهور فى الشهادة . و إنما ذلك الدخول و هذا
الظهور
بحسب قوة جوهر النفس ذو مراتب . و تلك القوة تحصل بتحصيل السعادة و السعادة
هى أن تبلغ القوة النظرية كمالها بأنوار المعارف و الحقائق الالهية , و القوة
العملية كمالها بالأعمال الصالحة , و هما حينئذ كالجناحين لعنقاء النفس تطير
بهما حيث ما شاء الله . و الاشارات الواردة فى المقام عن اهل بيت العصمة و
الطهارة ينبغى أن تكتب بالنور على خدود الحور , و نتشرف بتبرك نقل روايات
ثلاث منها فانها كافية لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد , ففى الكافى
باسناده إلى اسحاق بن عمار
عن أبى الحسن الأول - عليه السلام - قال( : سألته عن الميت يزور أهله ؟ قال
: نعم . فقلت : فى كم يزور ؟ فقال : فى الجمعة و فى الشهر و فى السنة على قدر
منزلته)
[1] .
و فى من لا يحضره الفقيه باسناده إلى اسحاق بن عمار
قال( : قلت لأبى الحسن الأول - عليه السلام - يزور المؤمن أهله ؟ فقال :
نعم .
فقلت : فى كم ؟ قال على قدر فضائلهم : منهم من يزور فى كل يوم , و منهم من يزور
فى كل يومين , و منهم من يزور فى كل ثلاثة أيام . ثم قال : رأيته فى مجرى
كلامه إنه يقول : أدناهم منزلة يزور فى كل جمعة
- الحديث) [2] .
و فى الكافى باسناده الى حفص بن البخترى عن ابى عبد الله - عليه السلام - قال
( : إن المؤمن ليزور اهله فيرى ما يحب و يستر عنه ما يكره , و أن الكافر ليزور
أهله فيرى ما يكره و يستر عنه ما يحب . قال : و منهم من يزور كل جمعة , و منهم
من يزور على قدر عمله) [3] .