و لا يخفى على ذى لب رفعة كلامه و قداسة نطقه و عذوبة بيانه .
و منهم الفارابى فى الفصوص حيث قال فى الفص الواحد و الخمسين( : الروح
القدسية لا تشغلها جهة تحت عن جهة فوق , و ما يستغرق الحس الظاهر حسها الباطن
, و يتعدى تأثيرها عن بدنها الى أجسام العالم و ما فيه , و تقبل المعقولات من
الروح الملكية بلا تعليم من الناس) .
و لنا فى نصوص الحكم فى شرح فصوص الحكم للفارابى فى شرح هذا الفصل مطالب
لعلها كانت مفيدة فى المقام .
و منهم الشيخ الرئيس فى المباحثات , و سيأتى نقل كلامه فى آخر العين . و
كذلك فى الفصل الثانى عشر من النمط الثالث من الاشارات و قد أعمل حسن صنيعة
فى ذلك جدا حيث بدأ بالغبى و ختم بالغنى اى الغنى عن التعلم و الفكر و هو
الذى مؤيد بقوة قدسية قال - رضوان الله عليه - :
تنبيه : و لعلك تشتهى زيادة دلالة على القوة القدسية و امكان وجودها فاسمع :
( ألست تعلم ان للحدس وجودا , و أن للانسان فيه مراتب و فى الفكر فمنهم غبى لا
يعود عليه الفكر برادة , و منهم من له فطانة الى حد ما و يستمتع بالفكر , و منهم
من هو اثقف من ذلك و له إصابة فى المعقولات بالحدس و تلك الثقافة غير
متشابهة فى الجميع , بل ربما قلت و ربما كثرت . و كما أنك تجد جانب النقصان
منتهيا إلى عديم الحدس فأيقن أن الجانب الذى يلى الزيادة يمكن انتهاؤه إلى غنى
فى اكثر احواله عن التعلم و الفكر) .
و منهم المولى صدر المتألهين فى الفصل التاسع عشر من الطرف الاول من المرحلة
العاشرة من الأسفار على الاستقصاء و استيفاء الكلام [1] . قال( : فصل فى
الاشارة الى اثبات القوة القدسية , اعلم ان مبدء العلوم كلها من عالم القدس لكن
الاستعدادات للنفوس متفاوتة . الخ) .
و كذلك الفصل التاسع عشر من القسم الثانى من المباحث المشرقية للفخر الرازى
فى اثبات القوة القدسية مطلوب مفيد [2] .