مو - و من تلك العيون الطاهرة القدسية اثبات القوة القدسية .
و ذو القوة القدسية له شأن فى ادراك الحقائق فوق الحدس فضلا عن الفكر . فان
الفكر حركة و الحدس انتقال دفعى , و أما صاحب القوة القدسية فأمره ارفع من
الحدس بمراحل . و اكثر العلماء هم اهل الفكر , و اقلهم اهل الحدس , و الأوحدى
منهم ذو القوة القدسية .
و المؤيد بالنفس القدسية لا يحتاج فى ادراك العلوم الى فكر و نظر , بل متى
شاء أن يعلم علم . و المرزوق بها هو نبى او وصى او عبد , علمه لدنى كالأولين .
و لكل واحد منها مراتب : أما الفكر و الحدس فظاهر ذلك فيهما . و اما النفس
القدسية فلقوله سبحانه :
( و لقد فضلنا بعض النبيين على بعض) [1] . و قوله تعالى
( : تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) [2] . و قوله - جل و علا - :
( فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا قال إنى عبد الله آتانى
الكتاب و جعلنى نبيا)
[3] . و قوله - عز من قائل - :
( يا يحيى خذ الكتاب بقوة و آتيناه الحكم صبيا)
[4] .
و الحكماء الالهية قد اثبتوا قديما و حديثا القوة القدسية بالبراهين العقلية فى
صحفهم المكرمة . منهم الشيخ اليونانى زينون الكبير تلميذ ارسطاطاليس فى رسالة
شرحها الفارابى و طبعت فى حيدر آباد الدكن قال فى الفصل الرابع منه ما هذا
لفظه([ : و النفس القدسية النبوية تكون فى ابتداء الغاية فى ابتداء نشوها
تقبل الفيض فى دفعة واحدة و لا يحتاج الى ترتيب قياسى . و النفس التى لا تكون
قدسية
تقبل العلوم البديهية بالواسطة و تقبل غيرها