عين فى ان الغذاء معد النفس لأن تصنع بدنها باذن بارئها ( 20 )
ك - و من صفوة تلك العيون أن الغذاء المادى معد للنفس لصنعها بدنها , لا أن
الغذاء يقع بدل ما يتحلل فى بدنها من حيث إنه بدنها مطلقا .
و بالجملة إن الغذاء معد للنفس فى تحصيل البدن و لا يصير هذا الغذاء المادى
جزءا للمغتذى اصلا . و هذا كلام كامل بعيد الغور و به يدفع شبهة الأكل و المأكول
من
حيث ان الغذاء الجسمانى لا يصير بدن الانسان من حيث هو بدنه فلا يؤكل ذلك البدن
و لا يدفن فى التراب مثلا و لا يلقى فى البحر مثلا , بل ذلك البدن مع النفس
حيثما كانت فهو اشرف من أن يتصرفه المادة الطبيعية , أو يأكله حيوان حتى يقال
اذا اكله حيوان صار جزءا من بدنه , إلى آخر ما تفوهوا فى بيان الشبهة .
و بهذه الدقيقة يعلم أيضا سر صحة المعاد الجسمانى , و كما قد اشرنا فى سائر
مسفوراتنا أن العقل و النقل متعاضدان فى أن معاد الانسان جسمانى بلا دغدغة غاية
الأمر يجب أن تصل إلى فهم هذا السر و ترزق ما فى مأدبة العلوم الالهية من معانى
البدن و الجسم , و كون الغذاء مع أن ضروبه سدنة الاسم الباقى من معدات المغتذى
, و كون الأبدان متفاوتة طولا و التفاوت بالنقص و الكمال أى البدن الأخروى هو
الدنيوى بعينه و بشخصه و الامتياز بينهما ليس إلا بالكمال و النقص و لا ينسلخ
النفس عن بدنها العنصرى أو البرزخى أو العقلى على مراتبها بحسب مراتب كمالات
النفس فى النشئات الثلاث .
و لا بد لك فى نيل هذه الدقائق النورية من استاذ كامل يرشدك إلى الرشاد و
يوصلك إلى المراد .
و البحث عن أن الغذاء معد للنفس فى الصنع المذكور يطلب فى الفصل الثالث من
الباب الثالث من نفس الأسفار حيث يقول - قدس سره الشريف - .
و التحقيق يحتاج إلى نمط آخر من الكلام لا يناسب طور ما الفه اسماع الأنام ,
و الاشارة اليه ان كل جسم طبيعى او نفسانى واحد بالفعل - إلى قوله([ : فليس
معنى
التغذية عندنا مداخلة الجسم المسمى بالغذاء للجسم المغتذى بدلا لما يتحلل - إلى
قوله : و مما يجب