مركبا من أجزاء صلبة و هى العظام و الغضاريف و الأعصاب و العروق و ما أشبه
ذلك
, و من أشياء رطبة و هى الأخلاط أعنى المرتين , و الدم , و البلغم , و من الروح
التى فى تجويفات الدماغ و فى الشريانات و الأعصاب , و كان الروح أدق هذه
الأجزاء و الطفها و أصفاها , كان ذلك أشد قبولا لأفعال النفس من سائر أجزاء
البدن . و على قدر دقته و لطفه و صفائه قبل من فعل النفس . و ذلك ما قالت
الفلاسفة[ : إن قوى النفس تابعة لمزاج البدن فمن كان مزاج بدنه فى غاية
الاستواء
كان الروح الذى فى بدنه فى غاية الاستواء , و كانت أفعال النفس فيه فى غاية
الاستواء . و من قصر مزاج بدنه أعنى الأعضاء التى فيها الروح عن الاعتدال
المخصوص
بها قصرت أفعال النفس فيه على تلك النسبة , و إنما الروح فيه بتلك النسبة .
و لذلك صارت قوى النفس فى الصبيان ناقصة , و فى النساء ضعيفة . و كذلك فى
الأمم التى قد غلب على أمزجتها الحر أو البرد كالزنج و الصقال و من شابههم .
و لذلك أيضا اختلفت أفعال النفس فى الروح فصار فى الروح التى فى القلب
الحيوة و التنفس و النبض فقط إذ تلك الروح أقرب الأرواح إلى الهواء و أقلها
لطفا و دقة وصفاء . ثم الروح التى فى التجويفات التى فى . . . ( ص و فى ط
: فى التجويفات التى فى - الدماغ يحتوى ؟ - ) الحس و التخيل - ( ثم الروح
التى فى التجويفات التى فى مقدم الدماغ صار فيه الحس و التخيل - ظ ) لما
نالها من زيادة المرتبة و اللطف على ما فى الروح التى فى القلب . ثم الروح
التى فى التجويف الذى بعده صار فيه الفكر و الروية بفضل ما ناله من اللطف و
الدقة على الروح التى فى مقدم الدماغ . ثم الروح التى فى مؤخر الدماغ صار فيه
الفكر و الحفظ لما يحتاج فيه من فضل الدقة و اللطف إذ كانت يحتاج إلى تذكر
اشياء قد مضت و بعد عهدها بها . و هذا كاف فيما سألت عنه من الفصل بين
النفس و الروح إن شاء الله] .
تم كتاب الفصل بين الروح و النفس بحمد الله و منه و فرغ من نسخه فى صفر
من سنة تسع و اربعين و ثلاثمائة .
اقول : هذا تمام كتاب الفصل بين الروح و النفس تأليف الفيلسوف قسطا بن
لوقا اليونانى . و قد فرغنا بتوفيق الله - سبحانه - من تصحيحه و نسخه يوم
الأربعاء
الثانى من شهر صفر من سنة تسع و اربعمائة بعد الألف من هجرة نبينا خاتم
الأنبياء
- صلى الله عليه و آله و سلم - ( 23 - 6 - 1367 هش ) , و أنا العبد حسن حسن
زاده الاملى .