و كيفية . و تلك القوى و الفروع متجددة بالعدد حسب تجددها فى الشدة و الكمالية
.
و ما أحسن ما وقع من بعض الحكماء فى التمثيل لحال النفس من مبادى ء تكونها
إلى غاية كماليتها و اتصالها بالعقل الفعال كنار تأثر عنها فحم بالحرارة , و
آخر بالتحمر و التجمر , و آخر بالاضائة و الاحراق فيفعل فعل النار و فعل
الأولين
. و كل ما وقع له الاشتداد يصدر عنه ما يصدر مما تقدم عليه . فهذا مثال مراتب
آثار العقل فى النبات و الحيوان و الانسان .
و كما ان النور الشديد يشتمل على مراتب الانوار التى دونه و ليس اشتماله
عليها
كاشتمال مركب على بسيط و لا كاشتمال مقدار على ابعاضه الوهمية , بل على ضرب
آخر فكذلك الوجود القوى جامع لما فى الوجودات الضعيفة التى دونه فيترتب عليه
ما يترتب عليها . و هكذا يزداد الاثار باشتداد القوة و فضيلة الوجود . و ربما
أخرجه الاشتداد من نشأة داثرة إلى نشأة باقية فيصير ذاته من المفارقات عن
الأجسام و علائقها فيجعل من قبله خليفة متوسط بينه و بين تدبير الأجسام .
انتهى كلامه المنيع و تحقيقه الرفيع مع تصرف فى الجملة فى ترتيب كلماته و
تنضيد عباراته منا .
قوله( : و ما أحسن ما وقع من بعض الحكماء) . يعنى به المحقق الطوسى و
ينظر
الى كلامه فى شرحه على الفصل الخامس من النمط الثالث من اشارات الشيخ , حيث
قال( : و قد شبهوا تلك القوى فى احوالها من مبدء حدوثها الى استكمالها نفسا
مجردة بحرارة تحدث فى فحم من نار مشتعلة تجاوره , الخ) . و سيأتى نقل تمام
قوله و كلامنا حوله فى العين الخامسة عشرة فى جامع اجزاء البدن و حافظها .
قوله( : كنار تأثر) , التأثر بالحرارة مثال للنبات , و التحمر و التجمر
مثال للحيوان , و الاضائة و الاحراق مثال للانسان .
قوله( : كاشتمال مركب على بسيط) . اى كاشتمال الكل على أجزائه الفعلية .
قوله( : فيجعل من قبله خليفة) , كما قد نبهناك فى التبصرة المصدرة على
تلك
الذروة العليا . و اقول : بل يرتقى الى فوق رتبة الخلافة لان الخلافة كالنبوة مقام
الوساطة بين الخالق و الخلق . ففى مصباح الانس أن للانسان أن يجمع بين الأخذ
الاتم
عن الله تعالى بواسطة العقول و النفوس بموجب حكم امكانه , و بين الأخذ عن
الله - تعالى - بلا واسطة بحكم