و قوله( : يتحقق له ما ذكرناه) , أى من حال الروح مع بدنه . فتدبر بما
ذكرنا فى
قوله - عليه السلام - : ( من عرف نفسه فقد عرف ربه)
.
تبصرة : لما كان البدن مرتبة نازلة لنفسه , و النفس تمام البدن , و التغاير
بينهما بضرب من الاعتبار فى التحليل العقلى , عرفت ان النفس من سنخ الاخرة و
انها محيطة به لا عليه . قال - عز من قائل - :
( و كان بكل شى ء محيطا) [1] . و لم يقل : و كان الله على كل شى ء محيطا . و كذلك الايات الأخرى التى
كانت صلة الاحاطة فيها كلمة الباء لا على , فافهم .
فالصواب أن يقال إن البدن فى النفس , لا أن النفس فى البدن كما يلفظ به من لا
خبرة له بدقائق الأسرار , كما سترزق من العيون الاتية أن الجنة و النار فى الارواح
لا بالعكس , بل الأمر ارفع من اعمال الكلمة الخافضة المشعرة بالظرفية كما ستعلم
فى العين السادسة و العشرين .
و عليك بكلام الوصى عليه السلام فى الاستبصار بما نريده فى هذه التبصرة :
( إن جاثليقا يسأل امير المؤمنين - عليه السلام - عن مسائل منها : فأخبرنى عن
الجنة هى فى الدنيا أم الدنيا فى الاخرة , و أين الاخرة و الدنيا ؟
قال - عليه السلام - الدنيا فى الاخرة , و الاخرة محيطة بالدنيا , إذا كانت
النقلة من الحيوة إلى الموت ظاهرة و كانت الاخرة هى دار الحيوان لو كانوا
يعلمون , و ذلك أن الدنيا نقلة و الاخرة حيوة مقام , مثل ذلك النائم و ذلك أن
الجسم ينام و الروح لاينام و البدن يموت) .
تبصرة : من كلمات صاحب الأسفار حول هذه العين و أترابها هو ما قال( :
حكمة
الصانع فى الانسان أنه كثف اللطيف , و لطف الكثيف) [2] و لا يخفى عليك
رفعة رتبة هذه الكلمة الكاملة فى صنع العالم و آدم .