و منها فى رد تلك الشبهة ايضا فى بيان قصة ابراهيم عليه السلام و الطيور فى
القرآن الكريم :
و إذ قال إبراهيم رب أرنى كيف تحيى الموتى
الاية]( , حيث نقل تقرير الشبهة و جوابها هكذا([ : لو أكل انسان انسانا و صار
غذاء له جزءا من بدنه فالأجزاء المأكولة إما أن تعاد فى بدن الاكل او فى بدن
المأكول , و أياما كان لا يكون احدهما بعينه معادا بتمامه , على أنه لا أولوية
لجعلها جزء من أحدهما دون الاخر , و لا سبيل إلى جعلها جزء من كل منهما . و ايضا إذا
كان الاكل كافرا و المأكول مؤمنا يلزم تنعيم الأجزاء العاصية , أو تعذيب
الأجزاء المطيعة .
و اجيب بأنا نعنى بالحشر اعادة الأجزاء الأصلية الباقية من أول العمر الى
آخره , لا الحاصلة بالتغذية , فالمعاد من كل من الاكل و المأكول , الأجزاء
الأصلية الحاصلة فى أول الفطرة من غير لزوم فساد .
ثم أوردوا على ذلك بأنه يجوز أن تصير تلك الأجزاء الأصلية فى المأكول ,
الفضلية فى الاكل , نطفة و أجزاء أصلية لبدن آخر و يعود المحذور .
و اجيب بانه لعل الله يحفظها من أن تصير جزءا لبدن آخر , فضلا عن أن تصير جزءا
أصليا . [1] .
و منها فى رد شبهة التناسخ حيث جاء فيه( : ان أجزاء بدن الشخص كبدن زيد مثلا
و ان لم يكن له جزء صورى لا يكون بدن زيد إلا بشرط اجتماع خاص و شكل معين , فاذا
تفرقت اجزاؤه و انتفى الاجتماع و الشكل المعينان لم يبق بدن زيد ثم اذا أعيد
فاما أن يعاد ذلك الاجتماع و الشكل بعينها أولا , و على الأول يلزم اعادة
المعدوم
, و على الثانى لا يكون المعاد بعينه هو البدن الأول بل مثله و حينئذ يكون
تناسخا , و من ثم قيل : ما من مذهب إلا و للتناسخ فيه قدم راسخ .
فنقول : انما يلزم التناسخ لو لم يكن البدن المحشور مؤلفا من الأجزاء الأصلية
, أما إذا كان كذلك فلا يستحيل إعادة الروح اليه , و ليس ذلك من التناسخ , و
ان سمى ذلك تناسخا كان مجرد اصطلاح فان الذى دل على استحالته تعلق نفس زيد ببدن
آخر لا يكون مخلوقا من اجزاء بدنه , و أما تعلقه بالبدن المؤلف من اجزائه
الأصلية
بعينها مع تشكلها بشكل مثل الشكل السابق فهو الذى نعنيه بالحشر الجسمانى) [2] .