بذلك , و الفساد و التلاشى و الاضمحلال من طوارى المركبات الطبيعية , و أما ما هو
برى ء عن التركيب , و موجود نورى بسيط فلا يتطرق اليه البوار و الهلاك أصلا ,
فالنفوس الشخصية و أن لم تكن أزلية و لكنها باقية ببقاء فاعلها الأزلى الأبدى
.
فشبهة جواز اعادة المعدوم على ما سودت طائفة الكراريس زعما منهم أن القول بحشر
الأجساد متوقف عليه و الموت اعدام , كشبهة الاكل و المأكول .
كو - عين فى أن النفس عين مدركاتها مطلقا :
هذه العين بحر عذب فرات سائغ شرابه , و قد فجرت و انشعبت الى ثلاثة و عشرين
جدولا , فسميت بدروس اتحاد العاقل بالمعقول و قد طبعت غير مرة , و الحمد لله
رب العالمين .
كز - عين فى خروج النفس من القوة الى الفعل و مخرجها :
النفس تنتقل انتقالا جوهريا من طور الى طور , فهى فى ارتقائها من النقص الى
كمالها الممكن لها لابد لها من مخرج مفارق لأن الصور العلمية عارية عن المواد
خالية عن القوة و الاستعداد , فوعائها مسانخ لها , فالواهب و المتهب أيضا
عاريان عن المادة و أحكامها , فخروج النفس من القوة الى الفعل مسلك الى
اثبات المفارق . كما سلكه الفارابى فى رسالة اثبات المفارقات . و الفاعل
موجود قبل فعله بالفعل , فالمفارق أقوى من فعله و من متهبه . ثم ان معطى الشى ء
يجب أن يكون واجده أولا , فجميع الصور العقلية العلمية حاصلة للمفيض بالفعل ,
فالمفارق خزانة الصور العلمية ,
( و ان من شى ء الا عندنا خزائنه و ما ننزله الا بقدر معلوم)
[1] .
كح - عين فى ادراك النفس حقائق الأشياء :
ان مسألة كون النفس عاقلة لصور الأشياء المعقولة من أغمض المسائل الحكمية .
فاعلم ان التجلى من الذات لا يكون أبدا إلا بصورة استعداد المتجلى له , غير ذلك
لا يكون , و كيفية فيضان الصور العقلية على النفوس النطقية على سبيل الفناء فى
القدسى و البقاء به . أى النفس بسبب الاتصال التام بالمبدء و فنائها عن ذاتها و
بقائها به ترى الاشياء كما هى عليها فى الخارج . اللهم ارنا الاشياء كما هى .