ان ذلك الدليل التجربى من الشيخ يوجد فى كلمات دكارت الفرانساوى أيضا , و لكن
واليو , و فورلانى من فلاسفة أوربا كانا معتقدين على أن دكارت كان مطلعا على
دليل الشيخ فأتى به فى مؤلفاته .
ثم قال الشيخ فى التعليقات :
برهان فى إثبات النفس , مأخوذ من جهة غاية حركة العناصر إلى الاجتماع المودى
إلى وجود النفس
:
لما كانت الحركة تحصل بعد وجود الغايات فى الأعيان كالجهات , أو فى نفس
المحرك كما يكون فى نفس البناء , و كان واجبا أن تكون الغاية الجزئية موجودة
حتى يصح وجود حركة جزئية , وجب أن تكون حركة العناصر إلى الاجتماع لغاية أخرى
غير الاجتماع , فان الاجتماع يحصل بعد الحركة , و تلك الغاية هيئة يصح وجودها و
تكمل بالبدن و يكون الاجتماع و المزاج و التركيب و الأشكال و غير ذلك من
الأحوال التى تحصل للبدن بعد الحركة من توابع تلك الغاية , و تلك الغاية هى بعي
نها
المحركة , فتكون فاعلة للحركة و غاية لها . و الفاعل و الغاية هما واحد فى
الانسان و هو النفس .
كل حالة من الأحوال الجسمانية تعرض بعد الحركة فلا يصح أن تجعل غاية للحركة
فالمحرك هو بعينه الغاية , و هو النفس [1] .
أقول : هذا البرهان القويم جار فى اثبات النفس مطلقا , و كان الحرى به أن
يؤتى به فى العين الاولى فى اثبات وجود النفس مطلقا , إلا أن الشيخ لما اجراه
فى النفس الانسانية حيث قال فى آخره( : الفاعل و الغاية هما واحد فى الانسان
و هو النفس) اقتفينا به و ذكرناه هيهنا .