فى النشئات الثلاث . فشبهة الاكل و المأكول مدفوعة رأسا . و العين بعيدة القعر
جدا .
كا - عين فى ان نفس الحيوان مجردة تجردا غير تام :
هذا البحث و ان كان خارجا من جهة عن القصد , و لكنه يعين فى البحث عن تجرد
النفس الناطقة . الحيوانات ليس لها نفس ناطقة , و إلا يلزم القسر الدائم
المستلزم للقبح و اللغو فى فعل الحكيم , لأنه على ذلك أوجد شيئا - أى تلك
القوة الناطقة العاقلة فى الحيوانات - لم يظهر أثره , و لم يبرز فعليته قط ,
تعالى عن ذلك علوا كبيرا , بل الحيوانات لها نفوس مجردة غير تامة على مراتب
أمزجتها , فان نفوس الحيوانات التى لها قوة التخيل بالفعل ليست مادية , فهى
مدركة لذواتها على الوجه الجزئى لأن ذواتها لها ليست لغيرها , و كل ما كان
وجوده
له لا لغيره فهو مدرك لذاته , و لا يلزم من ذلك كونها جواهر عقلية , إذ التجرد
عن المادة اعم من العقلية و العام لا يوجب الخاص . و هذا مراد الأوائل من أن
للحيوانات نفوسا مجردة . و أما قوله سبحانه :
( أنطقنا الله الذى أنطق كل شى ء) [1] ففيه سر ربوبى و رمز ملكوتى , فتدبر .
اعلم ان الشيخ الرئيس كان فى اول الأمر ينكر تجرد النفس الحيوانية ثم
اعترف
به , و قد نقلنا عبارته فى الدرس الحادى عشر من كتابنا دروس اتحاد العاقل
بمعقوله [2] , و راجع الى النكتتين 240 و 925 من كتابنا الف نكتة و نكتة
ايضا .
كب - عين فى تجرد النفس الانسانية تجردا غير تام :
الحق أن القوة الخيالية
مجردة
تجردا غير تام , أى انها جوهر قائم لا فى محل من البدن و أعضائه , ولا هى موجودة
فى جهة من جهات هذا العالم الطبيعى , و انما هى مجردة عن هذا العالم واقعة فى
عالم جوهرى متوسط بين العالمين عالم المفارقات العقلية و عالم الطبيعيات
المادية . و كثير من الأدلة الدالة على تجرد النفس ناظر الى هذا النحو من
التجرد , و هى الأدلة التى قد أخذت فيها الأشباح و المقادير بلا مادة طبيعية ,
و هى
متحققة فى صقع النفس لأنها من مدركاتها , و مدركاتها كلها متحققة فى ذاتها
تحقق
الفعل بفاعله , و المنتشى بمنشئه . و أما تلك الأدلة و شرحها فتطلب فى
رسالتنا
العربية الموسومة بالحجج البالغة على تجرد النفس الناطقة , و رسالتنا الأخرى
بالفارسية