و لا يقع بالإرادة إلا مقتضى المشيئة الأولى كما أشار إليه في
الفص اللقمانى في عموم المشيئة و خصوص الإرادة، فنسبة الصفات الذات الأحدية
إلى الصور العلمية المتعينة بعد التعين الأول الثابت للجوهر الأول و هي
النسب الأسمائية، لأن كل نسبة صفة و الذات مع أية صفة كانت اسم و أولاها
النسبة العلمية التي تعينت بها الأعيان، لكن العلم لا يتصور إلا بالحياة
فالحياة و العلم و الإرادة و القدرة و السمع و البصر و الكلام أمهات
الصفات، و هي نسبة ذاتية إذا اعتبرت مع الذات حصلت الأسماء السبعة التي
سماها الشيخ في الفتوحات الأئمة السبعة، فالذات بحسب هذه النسب اقتضت
الجوهر الأول، و ظهرت الموجدية و الأولية و الخلق و المبدئية و الأمر و
سائر الأسماء المنسوبة إلى الإبداء، فالسبعة الأولى تسمى الأسماء الإلهية، و
الثانية تسمى التالية لأنها توابع الأولى فظهرت بتعيين الجوهر الأول الذي
ينفصل عنه حقائق الأعيان نسب الذات إلى كل متعين علمى، و تعدد النسبة بتعدد
الحقائق و أحوالها و أحكامها فتعددت الصفات و الأسماء و هي أسماء الربوبية
و حضرتها أي حضرة الأسماء الحضرة الواحدية، و لكل اسم من السبعة نسبة إلى
كل عين فللذات بحسب كل عين اسم و تلك الأعيان أيضا أسام لكونها عين الذات
مع التعين، و لكل عين إلى جزئياتها الحادثة في العالم نسبة و الحوادث غير
متناهية فأسماؤه تعالى غير متناهية، و لهذا وصفها بأنها لا يبلغها الإحصاء،
و هي تقتضي وجود العالم بل هي ملكوتها التي يدبر الله الملك الحق بها ملك
العالم و كل اسم رب الملكوت الذي هو مقتضاه لأن الله تعالى يرب الأكوان
بها، فاعلم بأن هذا الأصل نافع في حل أكثر فصوص الكتاب و الله الهادي.
الثالثة: في بيان الشأن الإلهي
. اعلم أن الشأن الإلهي و الأمر التدبيرى دورى، فإن الحضرة الأحدية
إذا اقتضت العين الأول و العين الواحدة المسماة بلسان أهل الذوق البرزخ بين
أحكام الوجوب و الإمكان المحيط بالطرفين كانت الذات الأحدية باعتبار
الشئون الأسمائية الحضرة الإلهية و الواحدية، و تلك العين هي القلم الأعلى،
و تتشعب إلى عقول كثيرة لا يعلمها إلا الله ثم النفوس و الأفلاك، و تتفاوت
مراتبها في الإحاطة بحسب تفاوت العقول التي تفيض منها و قلة الوسائط بينها
و بين الذات و كثرتها، و إذا سمى العقل الأول القلم الأعلى سميت النفس
الكلية باللوح المحفوظ، لانتقاشها بما يفيض من القلم عليها من العلوم و
النقوش المنطبعة في الأفلاك، المنتقشة بصور الحوادث الجزئية الزمانية
بمجموعها اللوح القدري، و ينتهى إلى العناصر ثم يرجع إليه بالتركيب و
التمزيج في صور المواليد الثلاثة و مراتبها، حتى يصل إلى الإنسان منصبغا
بصبغ جميع المراتب، فإن ترقى بالعلم و العمل و سلك حتى انتهى إلى الأفق
الأعلى و رجع إلى البرزخ الجامع كما نزل منه بلغ الحضرة الإلهية، و اتصف
بصفات الله بحسب ما قدر له من الإمكان و سبق العلم به عند تعين عينه،