و اتسم بما أمكن به من الأسماء الإلهية التي هي مفاتيح عيبه، و
اطلع على ما في تلك الخزائن من العلوم و لم يبق بينه و بين الحضرة الأحدية
حجاب فناسب بأحدية جمعيته البرزخ الجامع، و اتصل بالنقطة الأحدية و تم به
دائرة الوجود، فكان أولا باعتبار حقيقته و آخرا بانتهاء أحكام الكل إليه،
إذ كان من الدائرة بمثابة النقطة التي انتهت الدائرة بها إلى أولها.
و لما كانت الموجودات بأسرها كدائرة هو نقطتها الأخيرة و هو جزء من
العالم أشبه العالم بالخاتم فإنه حلقة، و من حيث أن الإنسان من جملة أجزاء
العالم انتقش بنقش العلوم التي في الحضرة الإلهية، و جعل سر أسمائه و صفاته
و ختم به العالم بأسره، شبه بالفص من الخاتم فالحق تعالى بحسب أسمائه
الحسنى يدبر أمر الوجود باقتضاء هذه الأسماء أكوان العالم، و يرب بالأسماء
التالية التي أسماء الربوبية كلها بما يحتاج إليها و تطلبها و يمدها و
يبلغها إلى كمالاتها التي هي معانى الأسماء الإلهية في الإنسان الكامل
البالغ إلى الحقيقة الإلهية فيربيه الأسماء الإلهية حتى تتصف بها، و هذه
الإضافات و الإمدادات هي الشئون الإلهية، ثم يتولى بذاته ربوبية هذا
الإنسان و يؤيده جميع أسمائه، فيعبده هذا الإنسان حق عبادته بالعبودية
الذاتية و ليس وراء عبادة الله قربة.