نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 2 صفحه : 69
الباب في الرجل يطلق زوجته طلقة رجعية وهو غائب ثم يراجعها
فيبلغها الطلاق ولا يبلغها الرجعة فتتزوج إذا انقضت عدتها ، فذهب مالك إلى
أنها للذي عقد عليها النكاح دخل بها أو لم يدخل ، هذا قوله في الموطأ ، وبه
قال الاوزاعي والليث .
وروى عنه ابن القاسم أنه رجع عن القول الاول ، وأنه قال : الاول
أولى بها إلا أن يدخل الثاني ، وبالقول الاول قال المدنيون من أصحابه .
قالوا : ولم يرجع عنه لانه أثبته في موطئه إلى يوم مات وهو يقرأ
عليه ، وهو قول عمر بن الخطاب ورواه عنه مالك في الموطأ ، وأما الشافعي
والكوفيون وأبو حنيفة وغيرهم فقالوا : زوجها الاول الذي ارتجعها أحق بها
دخل بها الثاني أو لم يدخل ، وبه قال داود وأبو ثور ، وهو مروي عن علي وهو
الابين .
وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال في هذه المسألة : إن
الزوج الذي ارتجعها مخير بين أن تكون امرأته أو أن يرجع عليها بما كان
أصدقها ، وحجة مالك في الرواية الاولى ما رواه ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب
عن سعيد بن المسيب أنه قال : مضت السنة في الذي يطلق امرأته ثم يراجعها
فيكتمها رجعتها حتى تحل فتنكح زوجا غيره أنه ليس له من أمرها شئ ولكنها لمن
تزوجها ، وقد قيل إن هذا الحديث إنما يروى عن ابن شهاب فقط .
وحجة الفريق الاول أن العلماء قد أجمعوا على أن الرجعة صحيحة وإن لم
تعلم بها المرأة ، بدليل أنهم قد أجمعوا على أن الاول أحق بها قبل أن
تتزوج ، وإذا كانت الرجعة صحيحة كان زواج الثاني فاسدا ، فإن نكاح الغير لا
تأثير له في إبطال الرجعة لا قبل الدخول ولا بعد الدخول وهو الاظهر إن شاء
الله ، ويشهد لهذا ما خرجه الترمذي عن سمرة بن جندب أن النبي ( ص ) قال
أيما امرأة تزوجها اثنان فهي للاول منهما ، ومن باع بيعا من رجلين فهو
للاول منهما
.
الباب الثاني : في أحكام الارتجاع في الطلاق البائن
والطلاق البائن ، إما بمدون الثلاث فذلك يقع في غير المدخول بها بلا
خلاف ، وفي المختلعة باختلاف ، وهل يقع أيضا دون عوض ؟ فيه خلاف .
وحكم الرجعة بعدهذا الطلاق حكم ابتداء النكاح أعني في اشتراط الصداق
والولي والرضا ، إلا أنه لا يعتبر فيه انقضاء العدة عند الجمهور ، وشذ قوم
فقالوا : المختلعة لا يتزوجها زوجها في العدة ولا غيره ، وهؤلاء كأنهم
رأوا منع النكاح في العدة عبادة .
وأما البائنة بالثلاث ، فإن العلماء كلهم على أن المطلقة ثلاثا لا
تحل لزوجها الاول إلا بعد الوطئ لحديث رفاعة بن سموءل أنه طلق امرأته تميمة
بنت وهب في عهد رسول الله ( ص ) ثلاثا فنكحت عبد الرحمن بن الزبير .
فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها ففارقها ، فأراد رفاعة زوجها الاول
أن ينكحها ، فذكر ذلك لرسول الله ( ص ) فنهاه عن تزويجها وقال : لا تحل لك
حتى تذوق العسيلة .
وشذ سعيد بن المسيب فقال : إنه جائز أن ترجع إلى
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 2 صفحه : 69