نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 229
والثوري ، وابن حبيب من أصحاب مالك : إذا رؤي الهلال قبل الزوال ، فهو لليلة الماضية وإن رؤي بعد الزوال ، فهو للآتية .
وسبب اختلافهم : ترك اعتبار التجربة فيما سبيله التجربة ، والرجوع
إلى الاخبار في ذلك ، وليس في ذلك أثر عن النبي عليه الصلاة والسلام يرجع
إليه ، لكن روي عن عمر رضي الله عنه أثران : أحدهما عام ، والآخر مفسر ،
فذهب قوم إلى العام ، وذهب قوم إلى المفسر : فأما العام فما رواه الاعمش عن
أبي وائل شقيق بن سلمة قال : أتانا كتاب عمر ونحن بخانقين أن الاهلة بعضها
أكبر من بعض ، فإذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى يشهد رجلان أنهما
رأياه بالامس .
وأما الخاص فما روى الثوري عنه أنه بلغ عمر بن الخطاب أن قوما رأوا
الهلال بعد الزوال فأفطروا ، فكتب إليهم يلومهم ، وقال : إذا رأيتم الهلال
نهارا قبل الزوال فأفطروا ، وإذا رأيتموه بعد الزوال ، فلا تفطروا .
قال القاضي : الذي يقتضي القياس ، والتجربة أن القمر لا يرى والشمس
بعد لم تغب إلا وهو بعيد منها ، لانه حينئذ يكون أكبر من قوس الرؤية ، وإن
كان يختلف في الكبر ، والصغر ، فبعيد - والله أعلم - أن يبلغ من الكبر أن
يرى ، والشمس بعد لم تغب ب ، ولكن المعتمد في ذلك التجربة كما قلنا ، ولا
فرق في ذلك قبل الزوال ، ولا بعد .
وإنما المعتبر في ذلك مغيب الشمس ، أو لا مغيبها .
وأما اختلافهم في حصول العلم بالرؤية ، فإن له طريقين : أحدهما :
الحس والآخر : الخبر ، فأما طريق الحس ، فإن العلماء أجمعوا على أن من أبصر
هلال الصوم وحده أن عليه أن يصوم إلا عطاء بن أبي رباح ، فإنه قال : لا
يصوم إلا برؤية غيره معه .
واختلفوا هل يفطر برؤيته وحده ؟ فذهب مالك ، وأبو حنيفة ، وأحمد إلى
أنه لا يفطر وقال الشافعي : يفطر ، وبه قال أبو ثور وهذا لا معنى له ، فإن
النبي عليه الصلاة والسلام قد أوجب الصوم والفطر للرؤية والرؤية إنما تكون
بالحس ، ولولا الاجماع على الصيام بالخبر عن الرؤية لبعد وجوب الصيام
بالخبر لظاهر هذا الحديث ، وإنما فرق من فرق بين هلال الصوم ، والفطر لمكان
سد الذريعة أن لايدعي الفساق أنهم رأوا الهلال فيفطرون ، وهم بعد لم يروه ،
ولذلك قال الشافعي : إن خاف التهمة ، أمسك عن الاكل والشرب ، واعتقد الفطر
.
وشذ مالك فقال : من أفطر ، وقد رأى الهلال وحده ، فعليه القضاء والكفارة وقال أبو حنيفة : عليه القضاء فقط .
وأما طريق الخبر : فإنهم اختلفوا في عدد المخبرين الذين يجب قبول
خبرهم عن الرؤية في صفتهم ، فأما مالك ، فقال : إنه لا يجوز أن يصام ، ولا
يفطر بأقل من شهادة رجلين عدلين وقال الشافعي في رواية المزني : إنه يصام
بشهادة رجل واحد على الرؤية ، ولا يفطر بأقل من شهادة رجلين وقال أبو حنيفة
: إن كانت السماء مغيمة قبل واحد ، وإن كانت صاحية بمصر كبير ، لم يقبل
إلا شهادة الجم الغفير ، وروي عنه أنه تقبل شهادة عدلين ، إذا كانت السماء
مصحية .
وقد روي عن مالك أنه لا تقبل شهادة الشاهدين إلا إذا كانت السماء مغيمة .
وأجمعوا على أنه لا تقبل في الفطر إلا اثنان إلا أبا ثور ، فإنه لم يفرق في ذلك بين الصوم ،
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 229