responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی    جلد : 2  صفحه : 326
عمره كله. و قد كان بشر يقول: «مثل الغني المتعبّد مثل روضة على مزبلة، و مثل العبادة على الفقير مثل عقد جوهر في جيد الحسناء». و قال: العبادة لا تليق بالأغنياء. و كان يقول: التقوى لا تحسن إلّا في فقر. و قال له رجل فقير: يا أبا نصر ادع الله عزّ و جلّ لي فقد أضرّ بي الفقر و العيال. فقال له بشر: إذا قال لك عيالك: ليس عندنا دقيق و لا خبز فادع الله تبارك و تعالى أنت في ذلك الوقت، فإن دعاءك أفضل من دعائي. و قال بعض السلف: أي أهل المعرفة باللَّه عزّ و جلّ أن يقبلوا هذا العلم و كرهوا أن يسمعوه من الأغنياء و زعموا أنه لا يليق بهم. و قد كان بعض الفقراء يقول: هذا العلم يعني علم المعرفة عوضه الله سبحانه و تعالى الفقراء بدلا من الدنيا لا يظهره إلا هم و لا يوجد إلّا عندهم، روحهم الله عزّ و جلّ به في الدنيا و جعله عوضا لهم مما تركوه له اليوم، فإذا كان غدا فهم الذين لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين و هو المزيد. و قد روينا في تفسير قوله تعالى: وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ من كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ [الرعد: 23]. قال: الفقر في الدنيا. فمن فرائض الفقر عند الفقراء: الصبر عليه بترك المسألة قبل ورود الفاقة، و قطع الهمّ عن التشرّف إلى الخلق، و أن لا يتناول عند الحاجة ما حظره عليه العلم، و لا يجاوز حدّا من حدود الأحكام، و إن سأل عند حاجة لم يستكثر و لم يدّخر، فإن أعطى فوق كفايته فاقتناه ليكف عن المسألة فلا بأس به. و يتوخّى في مسألته المتّقين: و من يعلم أنه يتحرّى في مكسبه فإن مسألته عمل له يلزمه التورع فيها، كما يلزمه الورع في مكسبه، و لا يسأل من يعلم أنه لا يبالي من أين يأكل، و من لا يردع عن الحرام في مكسبه و العبد بنفس الحاجة و الجوع يستحق على إخوانه شبعة يقيم بها صلبه و يسكن بها نفسه، و بنفس العري و العدم يستحق عليهم ثوبا يواري به عورته، و ذلك لازم للمسلمين و واجب له، فإن قام به بعضهم سقط عن بعض وجوبه، و إن سأل ذلك فلا شي‌ء عليه. و يقال إن كفّارة المسألة صدق السائل في مسألته و صدقه أن لا يسأل إلّا بعد فاقته و مع خوف التقصير في أداء فرائضه من اختلاف عقله و تشتّت قلبه، و أن يكفّ مع أول الكفاية، و لا يدخر بعد الشبع ليستكثر، و لا يجعل المسألة إن دفع إليها له عادة و كدا و لا حرفة. و مهما استغنى عن السؤال فليكن ذلك أحبّ إليه، فإنه أفضل له، و قد سأل ثلاثة من الأنبياء عند فاقتهم سليمان عليه السلام لما سلب ملكه أربعين يوما، و موسى و الخضر عليهما السلام لما استطعما أهل القرية. و روينا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم: للسائل حقّ و إن جاء على فرس. و في الحديث: ردوا السائل و لو بظلف محرق، فلو كانت المسألة إثما و عدوانا لم يحثّ على الإعطاء فيكون‌

نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی    جلد : 2  صفحه : 326
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست