نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 325
الفصل الحادي و الأربعون في ذكر فضائل الفقر و فرائضه و نعت عموم الفقراء و
خصوصهم و تفصيل قبول العطاء و رده و طريقة السلف فيه
قال الله الكبير المتعال: لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ
أُخْرِجُوا من دِيارِهِمْ وَ أَمْوالِهِمْ [الحشر: 8]. و قال تبارك و
تعالى: لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا في سَبِيلِ الله لا
يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً في الْأَرْضِ [البقرة: 273]. فقدّم وصف أوليائه
بالفقر على مدحهم بالهجرة و الحصر. و الله تعالى لا يصف من يحبّ إلّا بما
يحبّ، فلو لا أنّ الفقر أحبّ الأوصاف إليه ما مدح به أحباءه و شرّفهم به. و
أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالفقر و أخبر بفضله في غير حديث، منها
حديث إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن دينار عن ابن عمران عن رسول الله صلى
الله عليه و سلم.
قال لأصحابه: أي الناس خير؟ فقالوا: موسر من المال يعطي حق الله عزّ و جلّ
في نفسه و ماله. فقال: نعم الرجل هذا و ليس به. قالوا: من خير الناس يا
رسول الله؟ قال: فقير يعطي جهده، و منها حديث بلال أنّ رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال له: الق الله عزّ و جلّ فقيرا و لا تلقه غنيا.
و في الحديث الذي روي عن ابن الأعرابي: أنّ النبي صلى الله عليه و سلم قال
له: لا أفضل من الفقير إذا كان راضيا. و في الحديث الآخر: أنّ الله تبارك و
تعالى يحبّ الفقير المتعفّف أبا العيال. و في الخبرين المشهورين: يدخل
فقراء أمتي الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة عام. و الحديث الآخر: اللّهم أحيني
مسكينا و أمتني مسكينا و احشرني في زمرة المساكين، فهذا منه صلى الله عليه
و سلم تفضيل الفقراء و إكرام لهم و تنبيه و حثّ على فضل الفقر. و روينا
عنه صلى الله عليه و سلم: خير هذه الأمة فقراؤها و أسرعها تضجيعا في الجنة
ضعفاؤها.
و روينا في خبر إسماعيل النبي عليه السلام المفسّر لخبر موسى عليه السلام:
أنّ إسماعيل قال: يا رب أين أطلبك؟ فقال الله عزّ و جلّ: عند المنكسرة
قلوبهم من أجلي.
قال: و من هم؟ فقال تعالى: الفقراء الصادقون. و قال أبو سليمان الدارني:
الأعمال كلها في الخزائن مطروحة إلّا شيئين، فإنه مخزون مختوم عليه لا
يعطيه إلّا من طبعه بطابع الشهداء، الفقر مع المعرفة. و كان يقول: تنفّس
الفقير دون شهوة لا يقدر عليها أفضل من عبادة غنيّ
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 325