نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 324
فيجعل في ميزانه جميع أعمال أهل تلك القرية. و من أجبره سلطان على طعام أو
قدم إليه شبهة أكرهه على أكلها، فليتعلل بعلالة منه، و ليتغيّر تغيّرا، و
لا يقصد طيبا و لا يكبر اللقمة، و لا يستكثر في الطعمة و ليأكل ما يسدّ
رمقه، و ما يخاف التلف بنفسه، إن هو فارقه. حدثني بعض الشهود: إنّ مزكيا من
بعض أهل العلم بخراسان ردّ شهادة شاهد أكل من طعام سلطان كان أجبره فقال:
إنه كان أجبرني على الأكل. فقال: قد علمت ذلك و لم أردّ شهادتك لأنك أكلت، و
لكنك رأيتك تقصد الطّيب و تكبر اللقمة فهل كان أجبرك على هذا؟ فلهذا جرحتك
عند الحاكم. قال لنا الشيخ و أجبر السلطان هذا المذكي على الأكل من ماله
فقال: اختاروا إحدى خصلتين: إما أن آكل كما أمرتم و لا أزكي أحدا بعد ذلك و
لا أجرح و لا أعدل شاهدا، و إما أن أترك على هذا في الجرح و التعديل
بالتزكية و لا آكل من طعامكم. قال: فنظر السلطان و ذووه فإذا هم محتاجون
إليه لأنه كان قليل النظير، و لم يكن له بدّ من حسن نظره و من قيامه بشأن
الحكام، فتركوه وحده فلم يأكل من طعامهم شيئا و أجبروا من كان معه، و كانوا
قد حملوا من نيسابور إلى بخارى في قصة طويلة حذفت سببها. و المعنى هذا
باختلاف الألفاظ التي سمعتها و لكن توخيت ما سمعت على المعنى. و قد كان بشر
بن الحارث يقول: في الأكل من الشبهات يد أقصر من يد و لقمة أصغر من لقمة، و
كان إذا نفروا تكلم في الحلال قيل له: فأنت يا أبا نصر من أين تأكل؟ و هو
يضحك. و قد كان سري السقطي يقول: لا نصبر على ترك الشبهات كما كان الزهري
إذا عوتب في صحبة بني مروان يقول: أصدقكم الحق اتسعنا في الشهوات فضاق
علينا ما في أيدينا فانبسطنا إليهم، و هذا فصل الخطاب لأولي الألباب و الله
أعلم.
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 324