نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 289
من علل الأسقام.
و قد روينا عن عائشة رضي الله عنها قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول: أديموا قرع باب الجنة يفتح لكم. قلت: و كيف نديم قرع باب الجنة
يا رسول الله؟ قال: بالجوع و الظمأ. و قد نوّع أبو سعيد الخراز مقامات أهل
الجوع في مقاصدهم عن مواجيدهم و هممهم. فحدثني الجهضمي عن أحمد بن شاكر
قال: سمعت أبا سعيد يقول: سمعت الثقة من علمائنا يقول عن عبد الواحد بن
زيد: إنه كان يقسم باللَّه ما صافى أحد إلّا بالجوع، و لا مشوا على الماء
إلّا بالجوع، و لا طويت لهم الأرض إلّا بالجوع.
و كان يعد الأخلاق السنية الشريفة المحمودة و يحلف أنهم ما نالوها إلّا
بالجوع. قال أبو سعيد: معنى الجوع اسم معلق على الخلق افترقوا في الدخول
فيه و العمل به لعلل كثيرة. فمنهم من يجوع ورعا إذا لم يصب الشيء الصافي، و
منهم من وجد الشيء الصافي فتركه زهدا فيه من مخافة طول الحساب و الوقوف و
السؤال، و منهم من استلذ العبادة و النشاط بها و الخفة فرأى النيل من
الطعام و الشراب قاطعا له و شغلا عن الخدمة و الخلوة، و منهم من قرب من
الله عزّ و جلّ فلزم قلبه حقيقة الحياء حين علم أنّ الله تبارك و تعالى
مشاهده، و كان الحياء مقامه لا غير، فتوهم أنّ الله تعالى يراه و هو يمضغ
بين يديه و يأكل و يشرب فيؤديه ذلك إلى الكنيف فيجوع من هذه العين. و هكذا
كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه، و منهم من أدركه السهو عن حاجاته فسلا عن
نيل مصلحتين حتى يذكر في الغيب أو يذكر.
و قال أبو سعيد الخراز أيضا: قال جماعة من الحكماء: إنّ الله تعالى لا يكلم
أحدا، و في بطنه شيء من الدنيا، فهذا يدل على أمره لموسى عليه السلام.
يقول: النيل ليلقاه خاليا من الدنيا، و بنفس ساكنة عن المنازعة إلى شيء من
الملك، و روح روحانية قد أحياها الحي لحياته فعند ذلك يصلح هذا الشخص
لمخاطبته مثلا بلا ترجمان.
و حدثني الحسن بن يحيى البستي عن ابن مسروق قال: لقيت سهل بن عبد الله.
فلما دخلت عليه و بشرني و قبلني و كان في إرادة و تذلل فقلت له: أحبّ أن
تصف لي بدايتك و ما كنت تقوت به. فقال: في كل سنة ثلاثة دراهم، كنت آخذ
بدرهم دبسا، و بدرهم سمنا، و بدرهم دقيق الرز، و أشوبه مخلصا ثلاثمائة و
ستين أكرة آخذ ليلة أكرة أفطر عليها. فقلت: الساعة كيف تعمل؟ فقال: أكلا
بلا حدّ و لا توقيف.
و حدثونا في أخبار الملوك أنّ ملك الهند أهدى إلى المنصور تحفا منها أنه
وجه إليه
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 289