نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 288
الحرارة فيستحيل أبيض، فإذا امتلأت منه خرزات الصلب و هو الفقار طلب الخروج
من مسلكه فقويت الصحة بذلك، فهذا حين هيجان الإنسان إلى النكاح. و لا يصلح
لمثل هذا أن يأكل الحرارات من الأطعمة، و ليطفئ ذلك بأكل البرودات و
الأشياء القاطعة، و ليجتنب أكل كل حار يابس أو بارد رطب، فإنه يهيّج الطبع و
يقوي العضو.
و قد روينا عن قتادة في تفسير قوله تعالى: وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ
لَنا به [البقرة:
286]. قال الغلمة و قال فياض بن نجيح: إذا قام ذكر الرجل ذهب ثلث عقله.
و قد روينا عن ابن عباس في قوله تعالى: وَ من شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ
[الفلق: 3] قال: قيام الذكر. و قد أسند بعض الرواة إلى رسول الله صلى الله
عليه و سلم إلّا أنه قال: الذكر إذا دخل.
و عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه كان يقول: أعوذ بك من شرّ سمعي و
بصري و لساني و قلبي و منيي و روينا عن أزواج رسول الله صلى الله عليه و
سلم و عليهن أجمعين السلام أنهن كنّ يأكلن الخلّ و البرودات بعد وفاة رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقطعن به الشهوة. و روى بعض أشياخ الصوفية قال:
اشتدت علي صفتي في بدء إرادتي بما لم أطق فكنت أضج إلى الله تعالى في كل
وقت فرأيت شخصا في النوم فقال لي: ما لك؟ فشكوت إليه. فقال: تقدم إليّ
فتقدمت فوضع يده على صدري فوجدت بردها في فؤادي و جميع جسدي. قال: فأصبحت و
قد انكشف ما بي فبقيت معافى سنة، ثم عاودني ذلك بمثله أو أشد فأكثرت
الضجيج إلى الله عزّ و جلّ فجاءني شخص في المنام قال: تحبّ أن يذهب ما تجد و
أضرب عنقك؟ فقلت: نعم. فقال: مدّ رقبتك. فمددتها فجرد سيفا من نور فضرب به
عنقي. قال: فأصبحت و قد انكشف ما بي فبقيت معافى سنة، ثم عاودني بمثله من
الاغتلام و أشدّ فرأيت شخصا يخاطبني فيما بين صدري و ثوبي: فقال ويحك. كم
تسأل الله تعالى رفع ما لم يحبّ رفعه؟ قال: فتزوجت فانقطع عني و لم
يعاودني، فكان ذلك سبب ذريته و ولد له. فإذا كان العبد ناسيا لجوعه ذاكرا
لربّه عزّ و جلّ فهو يشبه الملائكة، و إذا كان شبعان مهموما في طلب الشهوات
فهو أشبه بالبهائم.
و يقال إنّ الجوع ملك و الشبع مملوك، إنّ الجائع عزيز و الشبعان ذليل، و
قيل: الجوع عزّ كله، و الشبع ذلّ كله. و قال بعض السلف: الجوع مفتاح الآخرة
و باب الزهد، و الشبع مفتاح الدنيا و باب الرغبة.
و قد روينا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم: إنّ لكل شيء بابا، و باب
العبادة الصوم، و الخبر المشهور: صوموا تصحوا فصحة القلوب من علل الرءوس
أعلى و أحسن من صحة الأجسام
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 288