نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 290
بفيلسوف طبيب قال: فأنزله المنصور و أحسن إليه. فلما دخل عليه قال
الفيلسوف: قد جئتك يا أمير المؤمنين بثلاث خصال يتنافس الملوك فيها لا
نصنعها إلّا لهم قال: و ما هي؟
قال: أخضب لحيتك بسواد لا تنصل أبدا و لا تتغير عن حالها. قال: و ما الخصلة
الثانية؟
قال: أعالجك بعلاج تتسع به في المأكل فتأكل أي شيء شئت فلا تتخم و لا
يؤذيك الطعام. قال: و ما الثالثة؟ قال: أقوّي صلبك بقوة تبسط إلى الجماع
فتجامع ما شئت لا تملّ من ذلك و لا يضعف بصرك و لا ينقص من قوتك. قال:
فأطرق المنصور ثم رفع رأسه إليه فقال: قد كنت أظن أنك أعقل مما أنت. أما
السواد فلا حاجة لي به، فإن ذلك غرور و زور. و الشيب هيبة و وقار. و لم أكن
لأغير نورا جعله الله تبارك و تعالى في وجهي بظلمة السواد، و أما ما ذكرت
من الأكل فو الله ما أنا بشره، و ما لي في الاستكثار من الطعام حاجة، لأنه
يثقل الجسم و يشغل عن النوائب و أقل شيء فيه كثرة اختلافي إلى الخلاء فأرى
ما أكره و أسمع ما لا أحب. و أما ما ذكرت من النساء فإن النكاح شعبة من
الجنون، و ما أقبح بخليفة مثلي يجثو بين يدي صبية. ارجع إلى صاحبك مذموما
مدحورا فلا حاجة لي بما جئت به.
و حدثونا عن بعض هذه الطائفة قال: أتيت قاسما الجوعي فسألته عن الزهد أي
شيء هو؟ فقال لي: أي شيء فيه؟ فقلت: قالوا الزهد قصر الأمل. فقال: و أي
شيء سمعت فيه؟
فقلت: قالوا الزهد ترك الادخار. فقال: حسن، حتى عددت عليه أقوالا فسكت.
فقلت:
أي شيء تقول أنت؟ فقال: أعلم أنّ البطن دنيا العبد و بمقدار ما يملك من
بطنه يملك من الزهد، و بمقدار ما يملكه بطنه تملكه الدنيا. و على هذا
المعنى قال وهب بن منبه حكيم هذه الأمة: «لكل شيء وسط و طرفان، فإذا أمسكت
أحد الطرفين مال الآخر، و إن أمسكت الوسط اعتدل الطرفان»، فكذلك البطن
وسطا بين الجوارح إن أمسكتها اعتدلت الأطراف السمع و البصر و اللسان و
الفرج و الرجلان. و كذلك كان شيخنا ابن سالم يقول: إذا أعطيت البطن حظه من
الشبع طلبت كل جارحة حظها من اللهو فجمحت بك النفس إلى الهلكة، و إذا منعت
البطن حظه قصرت عنك كل جارحة عن حظها فاستقام القلب لذلك.
و كان بشر بن الحارث قد اعتل فسأل عبد الرحمن المتطبب عن شيء يوافقه من
المأكول فقال له عبد الرحمن: تسألني؟ فإذا وصفت لك لم تقبل مني. فقاله بشر:
صف لي حتى أسمع. فقال: تحتاج تستعمل ثلاثة أشياء، فإن فيهنّ صلاح جسمك.
قال: ما هنّ؟ قال: تشرب سكنجبينا و تمص سفرجلا و تأكل بعد ذلك إسفيذاجا.
فقال له بشر:
تعلم شيئا أقل شيء من السكنجبين يقوم مقامه؟ قال: لا، قال: فأنا أعرف.
قال: و ما هو؟
قال: الهندبا بالخل يقوم مقامه فتعرف شيئا أقل ثمنا من السفرجل يقوم مقامه
قال: لا قال:
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 290