نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 287
الخبز وحده خير من الأدم المردي. و قال بعضهم: لم يدخل الإنسان إلى معدته
أنفع من الرمان، و لا أضرّ من المالح، و لأن يتقلل من المالح خير له من أن
يستكثر من الرمان. و قد مثل الأترج من سائر الفاكهة على سائر المعدة في
الطبائع الأربع. و قد شبه رسول الله صلى الله عليه و سلم المؤمن بالأترجة
طعمها طيب و ريحها طيب، فهذه لطيفة من اللطيف، و حكمة من الحكيم تعالى. إذا
أراد صحة جسم عبد أوحى إلى المعدة أن يأخذ كل طبع منها ضده من نبات الأرض
الذي وقع في المعدة، فيأخذ طبع الحرارة طبع البرودة، و يأخذ طبع الرطوبة
طبع اليبوسة من المأكول. فتعتدل الطبائع. فاستوى المزاج فيكون ذلك سببا
لصحة الجسم من علله، فإذا أراد إسقام جسم أمر كل طبيعة أن تأخذ جنسها و
مثلها من المأكولات من نبات الأرض مثله، فتضرب المزاجات، ثم يدور ذلك في
الجسد بمجاري العروق و مصباته إلى الأعضاء المتفاوتة الأدوات، فتقع كل أداة
في عضو ضدها فتثقل بها، و يغشي كل آلة من جارحة ما لا يلائمها من طبعها
فيسقم الجسم و تتفاوت العلل، فيكون هذا سبب الأمراض و العوارض. نعوذ
باللَّه ذلك تقدير العزيز العليم.
و قد روينا: أصل بنية الإنسان عن الله تعالى في صفة خلق آدم عليه السلام.
حدثنا عن البراء قال: حدثنا عبد المنعم بن إدريس قال: حدثني أبي عن ابن
منبه اليماني أنه وجد في التوراة صفة آدم عليه السلام حين خلقه الله عزّ و
جلّ و ابتدعه. فقال: إني خلقت آدم ركّبت جسده من أربعة أشياء، ثم جعلتها
وراثة في ولده تنمي في أجسادهم، و ينمون عليها ركّبت جسده من رطب و يابس و
سخن و بارد، و ذلك لأني خلقته من التراب، و رطوبته من الماء و حرارته من
قبل النفس، و برودته من قبل الروح. ثم جعلت في الروح بعد هذا الخلق الأول
أربعة أنواع من الخلق هنّ ملاك الجسم بإذني و قوامه لا يقوم الجسم إلّا
بهن، و لا يقوم منهن واحدة إلّا بأخرى منهن المرة السوداء و المرة الصفراء و
الدم و البلغم، ثم أسكت بعض هذا الخلق في بعض، فجعلت مسكن اليبوسة في
المرة السوداء، و مسكن الرطوبة في المرة الصفراء، و مسكن الحرارة في الدم، و
مسكن البرودة في البلغم. فأيما جسد اعتدلت فيه هذه الفطر الأربع التي
جعلتها ملاكه و قوامه فكانت كل واحدة منهن ربعا لا تزيد و لا تنقص، كملت
صحته و اعتدلت بنيته، فإن زاد منهن واحدة عليهن قهرتهن و مالت بهن، و دخل
عليه السقم من ناحيته بقدر غلبتها حتى تضعف عن طاعتهن.
و تعجز عن مقاربتهن. ثم ذكر الحديث بطوله: و قد تغلب الحرارة على بعض
المريدين من قبل قوة المزاج و حدّة الشبهات، فيظهر الطبع فيتسع المني على
العزب، كما تقوى الحرارة فينبع الدم، لأن أصل المني هو الدم يتصاعد في
خرزات الصلب و هناك مسكنه فتنضجه
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 287